يُنقل عن مطلعين على بواطن الأمور، وما يواكب لبنان من مخاطر كبيرة، وبناء على معطيات نقلها أكثر من سفير غربي وعربي الى بعض أصدقائهم في لبنان، تفضي الى أن البلد على مفترق طرق، وقد تحصل نزاعات مسلّحة وفتن على ضوء ما يعانيه هذا البلد من أزمات إقتصادية ومالية ومعيشية، وصولاً إلى أن كل المؤتمرات واللقاءات والمشاورات التي جرت مؤخراً من واشنطن وباريس والعراق لم تتّطرق إلى الوضع اللبناني، إن لناحية التوصّل إلى تسوية تنقذ لبنان في هذه الظروف التي يجتازها، أو لناحية القرار بدعمه على المستويات الإقتصادية والمالية لانتشاله من هذا الإنهيار والمستنقع الذي يقبع به.
فالمعلومات المتأتية من التشاور الدولي والإقليمي تُشير الى أنه لم يلحظ أي موقف من أي طرف من المشاركين حول الوضع اللبناني، وإنما كان هناك حديث ومشاورات تتناول المحور الممتدّ من الخليج الى الأردن وفلسطين والعراق وإيران، بمعنى تبريد الوضع الخليجي ـ الإيراني، مما يؤكد على أن الأزمة في لبنان طويلة وتمرّ بمفاصل صعبة، الى حين نضوج الحل الإيراني ـ الخليجي، ليُبنى عندئذٍ على الشيء مقتضاه بالنسبة للملف اللبناني.
وفي السياق، ثمة معلومات، بأن خطورة هذا الوضع وكل ما يرتبط بالوضع الحكومي والإنهيار الإقتصادي، قد دفع برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الى زيارة عين التينة ولقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إذ نادراً ما يلتقيه في «الويك إند»، ما يدلّ على أن جنبلاط لديه مخاوف وقلق مما يجري في البلد، حتى أنه بات يخشى من أحداث أمنية كبيرة وتدهور معيشي تكون له تداعيات خطيرة على مستوى الشارع في أكثر من منطقة، وأنه وضع بري في الصورة، ويُنقل بأنه تم الإتفاق على ضرورة السعي لتبريد الخلاف على خط العهد والطائفة السنّية، بعدما انزلقت الأمور الى أجواء مذهبية وطائفية تركت تداعياتها على مسار تأليف الحكومة ومجمل الأوضاع في البلد.
وبناء عليه، علم أن بري، يتواصل مع الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والحريري، ومع المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، من أجل ضبط الوضع وعدم تفلّته الى ما هو أخطر بكثير، في حين أن بري، والذي هو على علاقة سيئة مع العهد و»التيار الوطني الحر»، ربما يكون أوكل مهمة التواصل هذه الى حزب الله، من أجل ممارسة ضغوطه لمَونته على رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل لوقف الحملات والإهانات على خط بعبدا ودار الإفتاء و»نادي رؤساء الحكومات السابقين»، لأن ذلك سيؤدي في المحصلة الى فتنة لا يُحمد عقباها، كذلك، لم تتّضح بعد الصورة النهائية لما سيقدم عليه ميقاتي في الساعات القليلة المقبلة، بحيث تنامى الحديث عن توجّهه الى الإعتذار عن تشكيل الحكومة، وكل ذلك بانتظار اتصالات تجري داخلياً وخارجياً لإعادة التهدئة بين بعبدا وميقاتي، بمعنى أن اللعبة مفتوحة على شتى الإحتمالات، مع أرجحية الإعتذار، في ضوء التصعيد السياسي الأخير بين المرجعيات السنّية ورئاسة الجمهورية.
وأخيراً، وحيال هذه المستجدّات والتعقيدات، فإن التعويل بات على التدخّل الخارجي الحازم من خلال ضغوطات بدأت تظهر، وفق أجواء تنقلها جهات عليمة، بفعل الإتصالات التي يقوم بها الفريق المقرّب من الرئيس الفرنسي، دون استبعاد بأن يتولى الرئيس إيمانويل ماكرون شخصياً التواصل مع المعنيين في لبنان، إلا في حال كانت هناك قرارات بقيت طي الكتمان على خلفية الإتصالات العربية ـ الفرنسية التي جرت في العراق، وعندئذٍ تتبلور صورة الوضع الإقليمي والدولي تجاه الملف اللبناني، إنما يمكن الحسم بأن المشهد اللبناني الداخلي بات في غاية الصعوبة، والتي يمكن أن تفجّر الأوضاع في أي لحظة أمام ما يحصل من تصعيد وإشكالات وفتن متنقلة على خلفيات معيشية وحياتية وطائفية ومذهبية.