بري وجنبلاط ينشطان على خط التهدئة لتلافي الأسوأ
«حزب الله» مستفيد من بقاء الحكومة ولا يجاري عون في تهديده بالشارع
عدم دعوة رئيس الحكومة تمام سلام مجلس الوزراء إلى الانعقاد هذا الأسبوع، يأتي كنتيجة مباشرة للتصعيد من جانب تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي ما زال يهدد باللجوء إلى الشارع، بعدما أوعز إلى وزيريه في الحكومة برفض الموافقة على أي بند من بنود جدول الأعمال، إذا لم يتضمن تعيين قائد جديد للجيش، في تسعير واضح للأزمة السياسية التي ستترك تداعياتها على العجلة الحكومية، في الوقت الذي يبرز السؤال عن المستفيد من وراء تصعيد عون هذا، وهل بهذه الطريقة يزخم عمل مجلس الوزراء ويصار إلى تلبية احتياجات الناس في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد؟
ووفقاً لما تقوله أوساط وزارية لـ «اللواء»، فإن قرار الرئيس سلام بعدم توجيه دعوة لعقد جلسة للحكومة الخميس المقبل يأتي انطلاقاً من حرصه على عدم تأزيم الأمور أكثر فأكثر بعد تهديدات عون ووزيريه، وبالتالي فإنه أفسح، من خلال هذا القرار، في إعطاء المشاورات مزيداً من الوقت، على أمل أن تنجح المساعي في لجم النوايا التصعيدية التي تريد شل الحكومة وزيادة حجم الانقسامات الداخلية بين اللبنانيين، خاصة وأن رئيس «التيار الوطني الحر» لن يتردد في عرقلة عمل الحكومة، إذا وجد أنه لن يكون هناك تجاوب مع مطلبه بتعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش.
وتشير الأوساط إلى أن النائب عون يعتمد خطة قوامها التصعيد المبرمج في وجه الحكومة، في إطار حملة الضغوطات دفعاً باتجاه تنفيذ مطالبه وحتى لو تعطل أداء مجلس الوزراء وتوقف عن الاجتماع، فالأمر عند عون سيّان، وهو الذي أدخل لبنان في الفراغ الرئاسي للعام الثاني على التوالي، كونه يرفض انتخاب غيره رئيساً للجمهورية، وها هو يلوح بخيار الشارع في مواجهة المكونات الأخرى في الحكومة وشركائه في الوطن، مع ما لهذا الخيار من تداعيات بالغة الخطورة، لأنه في مقابل شارع عون، فإن هناك شوارع أخرى، ما يجب أن يأخذه رئيس «التغيير والإصلاح» بعين الاعتبار ويعمل على تفاديه، سيما وأن حليفه «حزب الله» وبعد مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعمة وبقوة للحكومة، قد لا يبدو متحمساً كثيراً لمجاراة عون في تهديداته باستخدام الشارع، لأنه ليس من مصلحة الحزب أن يسلك هذا الخيار، في وقت يواصل حملته العسكرية في سوريا والعراق ويخشى انعكاسات انفلات هذا الشارع في أي لحظة، ما قد يرتد عليه بشكل سلبي للغاية، إذا ما اشتعلت النار الطائفية والمذهبية في البلد.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ «اللواء»، فإن «حزب الله» الذي يدعم مواقف حليفه عون، يحرص في المقابل على عدم التفريط بالحكومة وتعريض وحدتها للخطر، لأنه يستفيد، كما فرقاء آخرين، من بقائها على قيد الحياة، وبالتالي قد لا يبدو مستعجلاً على تبني وجهة نظر عون في الانسحاب من الحكومة، أو تعليق مشاركة وزيريه هو الآخر، بحيث ينتظر أن تشكل الأيام المقبلة مساحة لمروحة اتصالات يقوم بها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط والتي بدأها مع الرئيس بري، على أن تشمل أطرافاً أخرى من بينها عون و«حزب الله» لتقريب المسافات وإزالة العقبات من أمام عودة الحكومة إلى الانعقاد وإرجاء البحث في الملفات الخلافية، سيما وأن الرئيس بري والنائب جنبلاط متفقان على أهمية بقاء الحكومة في ظل الظروف الضاغطة وعدم تعريضها للخطر، وثالثاً وجوب المحافظة على التضامن الحكومي ولو بالحد الأدنى الذي تتطلبه هذه الظروف، باعتبار أن أي انهيار للحكومة سيعرّض البلد للانكشاف السياسي والدستوري، بعد الفراغ الرئاسي والشلل المجلسي، وهذا ما سيفسح في المجال أمام دخول لبنان مرحلة شديدة الخطورة ومفتوحة على كل الاحتمالات.