IMLebanon

بري ولعبة الدوران في حلقة قانون الانتخابات.. الى أين؟!

أما وقد أنجز استحقاق الانتخابات البلدية، على كامل الأراضي اللبنانية وبنجاح لافت أمنياً وادارياً، بل وسياسياً ومن دون أي معوقات تذكر، على رغم بعض النتائج التي فاجأت البعض ولم تفاجىء آخرين، وأثارت اشادة دولية لافتة، فإن أسئلة وتساؤلات تدور – وبارتفاع نسبي لافت في الصالونات واللقاءات الثنائية وغير الثنائية – حول »وماذا بعد«؟، وهل ستنسحب هذه الانتخابات،  وما حملته من نتائج، وبالمعايير نفسها على الانتخابات النيابية، التي عادت الى الواجهة من جديد، وان بحرارة متدنية نسبياً، بسبب الصعوبات والعراقيل وسياسة »وضع العصي في الدواليب« التي يعتمدها غير فريق على خطين اثنين:

– الخط الأول: أيهما أولاً، الانتخابات النيابية أم الانتخابات الرئاسية، وقد دشن لبنان عامه الثالث في 25 ايار الماضي من دون رئيس للجمهورية؟ خصوصاً وان غير فريق، لأسباب او لأخرى، لايزال متمسكاً بأولوية »الرئاسية على سائر ماعداها..«.

– الخط الثاني: وفق أي قانون ستجري هذه الانتخابات، وأي متى، وقد  مدد المجلس لنفسه ولاية كاملة، وعلى مرحلتين.. وهل ستتمكن »اللجان النيابية المشتركة« التي أضاعت فرصاً عديدة منذ سنوات، من الوصول الى »خلطة« ترضي الجميع وترفع العقبات، وقد أبدى كل فريق مواقفه، وهي موزعة بين »النسبي بالمطلق.. وعلى أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة..« او »النسبي بالمطلق، مع تقسيم لبنان الى دوائر (محافظات) على ما جاء في اتفاق الطائف؟ وبين »المختلط« الذي يجمع بين »الأكثري والنسبي« (وهي الصيغة التي استولدها الرئيس نبيه بري من رحم التناقضات في المواقف)، وبين المتمسكين تحت الطاولة بالقانون المعمول به حالياً، والمعروف بـ»قانون الستين«، والذي في نظر كثيرين بات بمثابة »ضربة للارادة الشعبية وحقها في ايجاد قانون جديد يكون معبراً الزامياً لاجراء الانتخابات الرئاسية؟!.. او بين المتمسكين بما يعرف بـ»القانون الارثوذكسي« الذي يتمسك به »التيار الوطني الحر«، وتلقى ضربة قاسية من أحد أبرز الموقعين عليه (»القوات اللبنانية«)، مقابل اصرار »التيار« على أنه »خشبة الخلاص الوحيدة واداة تحرير الارادة المسيحية من أية تبعية«؟!

في قناعة عديدين، ومن بينهم الرئيس نبيه بري، ان الانتخابات النلدية، كانت ناجحة وبكل المعايير التنظيمية والاجرائية«.. وان هذا النجاح أسقط كل الدعوات او التحفظات حول اجراء الانتخابات النيابية ليخلص الى القول جازماً: »ان الانتخابات النيابية المقبلة (لم يقل أي متى ووفق أي قانون) حتمية ولن يكون هناك أي تمديد آخر لمجلس النواب..« الذي كان من ابرز صانعيه والمسوقين له على رغم غسل يديه من ذلك ورمي الكرة في ملعب الرئيس سعد الحريري..

ليس من شك في ان ما آلت اليه نتائج الانتخابات البلدية، وعلى مستوى لبنان بكامله، بات موضوع قراءة وتدقيق ودراسة، بالنظر لما تركته هذه الانتخابات من مؤشرات و»رسائل مضمرة وصريحة« عكستها صناديق الاقتراع، في غير منطقة من لبنان، جنوباً وجبلاً وشمالاً وبقاعاً.. وهي نتائج لم تكن »عفوية« بالمطلق، بل رد فعل، قد يكون عفويا، وقد لا يكون، من قبل اللبنانيين، على سلوكيات »الطبقة السياسية« وما أفرزته هذه الطبقة، على مدى سنوات من أزمة تلحق بأزمات، وعلى كل المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية، والوطنية، وان بقيت مضبوطة بحدود ما أمنياً.. ويكفي في هذا، استعارة ما وصف به رئيس الحكومة تمام سلام، حكومته بأنها »الأكثر فساداً والأكثر فشلاً..«؟! ومسلسل الفضائح يتواصل أسبوعاً بعد اسبوع، ولا يظهر في المعطيات ما يؤشر الى ان الدولة والشعب سيصلان الى حقوقهما من الذين تمادوا في »السرقة والنهب والسمسرات والصفقات.. وغيرها.«؟!

حتى اللحظة، لا يمكن الرهان على ما ستؤول اليه اجتماعات »اللجان النيابية المشتركة« والقرار ليس بيد الذين يمثلون أحزابهم وتياراتهم وقواهم السياسية وغيرها.. بل هو في مواقع أخرى، خصوصاً، وان المدة الزمنية الفاصلة مع انتهاء ولاية المجلس النيابي الممدد له، »كافية ووافية« ليأخذ الجميع وقتهم، ويمضون في سياسة اللعب على حبال الاستحقاق الرئاسي الذي يدور في حلقة مفرغة، وقد غسل الجميع اياديهم، والكل يرمي مسؤولية التعطيل على الكل؟! والكل بانتظار ما ستؤول اليه الأوضاع الاقليمية وما ستكون عليه النتائج النهائية وهي ليست في المنظور بعد.

كان الرهان على مبادرة فرنسية ما.. لكن هذه المبادرة لم تولد، خصوصاً وأنها لم تحظ بمباركة أميركية، ولا بتأييد ايراني وعربي واقليمي.. من دون ان يعني ذلك تسليم مفاتيح حلول أزمات لبنان المتراكمة الى »القدر«.. فالجميع، وعلى ما تدل المعطيات المتوافرة عبر الوفود والاتصالات المباشرة وغير المباشرة، على قناعة بوجوب تحييد لبنان، أقله أمنياً، عن البراكين المشتعلة في العديد من دول الجوار.. وهي فرصة إضافية للرئيس بري، ومن معه، ومن يجاريه ويقف على رأيه، في لجم »الاندفاعات« لبعض القوى السياسية، التي تنفست الصعداء في الانتخابات البلدية الأخيرة، واعتبرت أنها »لامست حد القدرة على صنع الغيتوات.. او تكون شريكاً لا مفر منه في أي خيار مستقبلي..«.

يخلص الرئيس بري الى أنه، وعلى رغم المساحة الزمنية المتوفرة، إلا ان المصلحة تقتضي بت المسائل في أقرب وقت، فعامل الزمن، قد يكون في صالح لبنان اليوم، لكن لا ضمانات بأن ذلك سيكون دائماً ولا بد من الافادة من المعطيات الدولية والاقليمية، وعدم الاندفاع أكثر باتجاه »المراوحة« و»اضاعة الوقت« واللعب على حبال أي قانون للانتخابات النيابية سترسو عليه الخيارات.. ولا بد في النهاية من اعتماد خيار الديموقراطية والأخذ بما ستتجه اليه الأكثرية النيابية..؟!