IMLebanon

برّي وسلام اختزلا موقع رئاسة الجمهوريّة وخرقا البروتوكول

اذا كان التدخل الروسي في سوريا يأتي ضمن حرب استباقية للقضاء على الارهاب في مهده، وقطع الطريق على «داعش» و«النصرة» بالوصول الى الاراضي الروسية كون تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام»، يشكل المقاتلون من الجمهوريات السوفياتية السابقة عموده الفقري من شيشانيين واذريين وقوقازيين دربتهم الاجهزة الغربية في تركيا على خلفية ارباك روسيا بعد حصارها من قبل الاوروبيين اثر المشكلة الاوكرانية التي ادت الى انضمام جزيرة القرم الى روسيا، فان زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تأتي من القبيل نفسه اي انها محاولة فرنسية استباقية لجعل لبنان خط الدفاع الاول عن الاراضي الفرنسية لمنع رحيل النازحين السوريين الى دول الاتحاد الاوروبي من خلال التلويح بورقة المساعدات المالية لهم والتي لا تتعدى الـ25 مليون يورو، في وقت خضعت دول الاتحاد المذكور لكافة الشروط التركية لايقاف الفيضان السوري، بطريقة الابتزاز التي وصلت الى فرض انقرة على الاوروبيين الغاء تأشيرة الدخول الى دولهم للمواطنين الاتراك وفق الاوساط المواكبة للمجريات في المنطقة.

واذا كانت زيارة هولاند لم تتعدَّ الفولكلور ورفع العتب على قاعدة ان الرئيس الفرنسي اجبر على المرور بلبنان من ضمن جولته في المنطقة كون البلد الصغير صناعة فرنسية بامتياز، فان الحسنة الوحيدة في هذه الزيارة لم تتخطَّ الذكريات اي زمن الماضي الجميل ووقوف الشخصيات السياسية أمام اللوحة التذكارية في «قصر الصنوبر» يوم اعلان الجنرال غورو دولة «لبنان الكبير» عام 1920، الا ان الامر لم يثر حماسة اي منهم لملء الشغور الرئاسي في القصر الجمهوري، ويبدو وفق الاوساط ان هولاند الذي استقبل معظم الاقطاب كان مستمعاً إليهم في وقت كان يعوّل فيه هؤلاء على الرئيس الفرنسي ان يحرّك الركود الرئاسي لما لباريس من علاقات دولية كونها من الدول الكبرى التي تشارك في صنع القرار ولو بالحد الأدنى قبل تفرد واشنطن بذلك من خلال احادية مفرطة في النظام العالمي الذي تسعى موسكو لكسر قيوده وتغيير قواعد اللعبة.

وتضيف الاوساط ان هولاند لم يعلن عن اي مبادرة فرنسية في هذا المجال بعد محاولات سابقة لباريس لدى السعودية وايران وقد اكد للرئيس نبيه بري خلال لقائه معه أنه «يريد العودة الى لبنان في اسرع وقت ممكن للقاء رئيس الجمهورية اللبنانية، ولكن ليس لدي اجابة بهذا الامر، الاجابة لديكم انتم البرلمانيون»، ما يشير الى انها المرة الاولى منذ الاستقلال يكون فيها الاستحقاق الرئاسي بيد اللبنانيين انفسهم كون الاهتمام الدولي في مكان آخر اي في سوريا والعراق امتداداً الى مصر وليبيا، في وقت يأبى فيه الاقطاب التصديق كون تحالفاتهم الخارجية تملي عليهم ذلك وتجعل الطبق الرئاسي رهناً بالتوافق الايراني – السعودي البالغ في التأزم.

ولعل اللافت، وفق الاوساط نفسها، ان باريس اصرت على المسؤولين اللبنانيين ان يكون استقبال هولاند عادياً على غرار الزيارة السياحية التي قام بها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الى مصر حاملاً على كتفيه ابن عشيقته التي تزوجها فيما بعد، لكي لا يتم اي خرق بروتوكولي في ظل الشغور الرئاسي، وعلى الرغم من ذلك فان مصادر نيابية ووزارية سجلت تحفظاً واستغراباً في الشكل لخرق البروتوكول إذ ان بري فرش للضيف الفرنسي السجاد الاحمر على مدخل مجلس النواب، وهذا امر مختص فقط برئيس الجمهورية، وكذلك تحفظت المصادر نفسها لن رئيس الحكومة تمام سلام الذي لم يشرك اعضاء الحكومة الـ24 وزيراً والذين يمثلون مجتمعين رئاسة الجمهورية في المحادثات مع هولاند، ما يعني ان بري وسلام اختزلا الموقع الاول في الدولة بشخصيهما، في وقت يصف بري الزيارة بأنها «لم تتجاوز السقف الذي رسمها الفرنسيون لها».