لفتني كلام الرئيس نبيه بري الذي دعا المسيحيين الى التوافق على رئيس للجمهورية ننتخبه. صحيح ان هذا الكلام ليس جديداً، بل هو مكرّر منذ ما قبل الفراغ الرئاسي وحتى اليوم، إلاّ أن لتوقيته، هذه المرة، وقعاً مختلفاً: فمن جهة قارب الفراغ الرئاسي السنة من عمره الذي يأمل اللبنانيون ألاّ يكون مديداً. ومن جهة ثانية يتوافق كلام رئيس مجلس النواب مع الحوار الدائر (بقوة) بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والذي حدّثنا الدكتور سمير جعجع عن مفاجأة فيه (يفترض أنها إيجابية بالطبع). ومن جهة ثالثة ورد كلام الرئيس بري في غمرة «الحساسية» (ولا نقول سوء العلاقة) بينه وبين الأطراف المسيحية بدءاً بغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حتى الكتل النيابية المسيحية التي تقاطع مجلس النواب مشترطة لحضور جلسات التشريع أن يرد على جدول الأعمال إستعادة الجنسية لـ«اللبنانيين» المتحدرين من أصل لبناني.
وكلام دولة الرئيس هو بمثابة قفاز التحدّي يُرمى في وجه الآخر! ولا تفسير مخالفاً له. إنه تحدٍ موصوف فهل يلتقط الجنرال ميشال عون والدكتور سمير جعجع هذا القفاز ويقبلان التحدّي.
كيف يكون ذلك؟
الجواب ببساطة بملامسة الشأن الرئاسي ليس من حيث المبدأ وحسب بل أيضاً من حيث التفاصيل، فلا يكفي أن يلتقي الزعيمان الكبيران على نقطة «الرئيس القوي» ونقطة «الجمهورية القوية»… بل يجب أن يدخلا في تفصيل التفصيل:
الجمهورية القوية؟ أجل! ولكن كيف؟!
الرئيس القوي؟ أجل! ولكن مَن؟!
وما قاله دولة الرئيس نبيه بري حول «فليتفقوا… ونحن لها» يقوله المسيحيون من باب التساؤل والعتب. العتب؟ لا… أكثر! إنما من باب تحميل المسؤولية.
فماذا يمنع عون وجعجع أن يتفقا على موقف واحد من رئاسة الجمهورية بل من المرشح لرئاسة الجمهورية؟ لماذا لا يلتقيان على شخص واحد يكون مرشحهما لتلتف حوله الأطراف المسيحية الأخرى، وأيضاً سائر اللبنانيين أو أكثريتهم العظمى؟!
وأين المشكلة إذا كان «الشخص» أحدهما، أو أحداً سواهما؟ وأين هي الأسباب الهائلة التي تحول دون هذا الإتفاق؟!
أننا لا نحاول ضغطاً، وإن كان من حقنا أن نفعل. ولا ندخل في لعبة التحدّي فهذا ليس شأننا ولا في مسارنا المهني. إنما نلفت الرجلين الكبيرين الى أنهما عندما يرفضان أن يتحمّل المسيحيون مسؤولية الفراغ يكون عليهما، في المقابل أن يجتازا عقبة بل عتبة (بالتاء) الإتفاق على المرشح الرئاسي والبقية تأتي.
يا جنرال… يا حكيم الحل عندكما.
أو يجب أن يكون.