Site icon IMLebanon

خلفيّات سياسية وراء تراشق «أمل» و«الوطني الحُرّ»

 

تموضع برّي إلى جانب الحريري… فجّر الخلاف!

 

شهدت الأيّام القليلة الماضية حملات سياسيّة وإعلاميّة عنيفة مُتبادلة بين «التيّار الوطني الحُر» و«حركة أمل»، شارك فيها عدد من نوّاب الذين ينتمون إلى كتلتي الطرفين، إضافة إلى تلفزيوني «أو تي في» و«أن بي أن» وبعض المسؤولين الحزبيّين. ومن خلال إستخدام عبارات مُهذّبة نسبيًا منها مثلاً «الإصلاحيّون الجُدد» في مُقابل «الوطنجيّون الجُدد»، وكذلك عبارات قاسية مثل «القحباء السياسيّة التي تُحاضر بالعفّة» و«مجموعة الشخصيّات والقوى السياسيّة الفاسدة» في مُقابل «جماعة توسّلت الوصاية لإستصدار قرار أممي مع ناظر له ضُدّ أبناء بلدها من المُقاومين» و«بلغت حد الحديث عن السلام مع إسرائيل وبيع عميل، وهذا كلّه طمعًا بورث لوكيل»، بلغ التراشق الإعلامي ذروته، علمًا أنّ من الشخصيّات التي دخلت على خط الحملات المُتبادلة النوّاب: أنور الخليل، محمد خواجة، زياد أسود، سيزار أبو خليل، إلخ. فما هي الخلفيّات؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ العلاقة بين حليفي «حزب الله»، لم تكن سويّة في يوم من الأيّام، وهي شهدت الكثير من الطلعات والنزلات، ولولا ما يجمعهما من تحالف مع «الحزب» الذي عمل في أكثر من مرّة على تقريب وجهات النظر بينهما، لكانت الأمور بينهما بلغت حدّ الإنفجار الكبير. ولفتت إلى أنّ تجدد الحملات المُتبادلة بين الطرفين في المرحلة الأخيرة، يعود إلى تموضع مُتضارب بين الطرفين، وإلى تباين كبير بالنسبة إلى أفضل السُبل لتشكيل حُكومة جديدة. وأوضحت الأوساط نفسها أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» يأخذ على رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أنّه هو من هندَس خلف الكواليس «سيناريو» إستقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال الحاليّة حسّان دياب، وإعادة تكليف رئيس «تيّار المُستقبل» سعد الحريري، بعكس إرادة فريق رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورئيس «التيّار» النائب جبران باسيل. وتابعت هذه الأوساط السياسيّة أنّ «التيّار» يعتبر أيضًا أنّ الرئيس برّي هو من يمدّ حاليًا رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري بالدعم الخفي لرفض التجاوب مع مطالب فريق رئيس الجمهوريّة، وأنّ رئيس المجلس النيابي جاهز للتدخّل بما يُشبه إعتماد حقّ النقض،لإسقاط أي مُحاولة من جانب فريق رئيس الجمهوريّة، لإسقاط تكليف الحريري، وإستبداله بشخصيّة جديدة، على غرار الدُكتور دياب.

 

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ موقف الرئيس الحريري التفاوضي، قوي، ليس بسبب الدعم الفرنسي له، ولا بسبب الدعم الإقليمي الذي يجهد حاليًا لتوسيعه عبر جولاته العربيّة والخارجيّة، بل بسبب إستناده إلى تفاهم سياسي عريض مُتداخل بين فريقي 8 و14 آذار السابقين، يضمّ كلاً من حركة «أمل» وتيّار «المردة» وتيّار «المُستقبل» والحزب «التقدمي الإشتراكي»، وذلك لجهةرفض الإنصياع بعد اليوم لمطالب العماد عون والنائب باسيل. وأضافت الأوساط أنّ هذا الموقف لا ينسحب على مسألة تشكيل الحكومة فحسب، بل يتجاوزها إلى محطات سياسيّة مُقبلة بالغة الأهميّة، على غرار محطّة الإنتخابات النيابية في ربيع العام 2022 إن حصلت في موعدها، وخُصوصًا بالنسبة إلى محطّة الإنتخابات الرئاسيّة المُقبلة في خريف العام 2022 أيضًا. وأوضحت الأوساط عينها أنّ توافقًا غير مُعلن صار شبه جاهز بين الأفرقاء الأربعة المَذكورين، لمُعارضة أي مُرشّح «عونيّ» لرئاسة الجمهوريّة المُقبلة، مع ميل كبير لتبنّي ترشيح الزعيم الشمالي الوزير السابق سليمان فرنجيّة للرئاسة، فور نُضوج ظروف ترشيحه محليًا ودوليًا.

 

وأشارت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ القوى السياسيّة التي تستغرب كيف تمكّن رئيس الحكومة المُكلّف من الحفاظ على ثبات موقفه، والتي تستغرب لماذا لا يُمارس «حزب الله» ضغطًا كبيرًا عليه، لجعله يرضخ لمطالب رئيس الجمهوريّة ورئيس «التيّار الوطني الحُرّ» من خلفه، لا تُدرك أنّ «الحزب» يقف في موقف حيادي من عمليّة تشكيل الحُكومة، لأنّه لا يريد دعم أحد حليفيه على حساب الآخر، ولا تُدرك أنّ الضغط السياسي والإعلامي الأكبر هو على رئيس الجمهوريّة وليس على رئيس الحُكومة المُكلّف، بسبب العزلة السياسيّة الداخليّة التي يُعاني منها الأوّل، في مُقابل التأييد الضُمني الذي يلقاه الثاني من رئيس مجلس النوّاب الذي يُوافق الحريري على ضرورة عدم نيل فريق الرئيس، الثلث زائد واحد في الحُكومة المُقبلة، والذي يوافق الحريري أيضًا على ضرورة عدم نيل «التيّار الوطني الحُرّ» وزارة العدل أيضًا، طالما أنّ هذا الأخير يُؤكّد ليل نهار بأنّه يريد «التدقيق الجنائي» بندًا أوّلاً للحكومة، ويلوّح بمُحاكمة مُختلف القوى بإستثناء المَحسوبين عليه! ورأت الأوساط نفسها أنّ تحريك «التيّار» مسألة ضرورة تعديل ورقة التفاهم مع «الحزب»، تعود في خلفيّاتها، إلى عتب كبير من «التيّار» على «الحزب» بسبب عدم مُجاراته له في ما يعتبره «التيّار الوطني الحُرّ» معارك كشف الفاسدين ومُحاكمتهم.

 

وتوقّعت الأوساط السياسيّة المُطلعة أن تشهد الأيّام المُقبلة مُحاولة أخرى لتدوير زوايا تشكيل الحُكومة، وفق صيغة جديدة سيتمّ طرحها، قد تكون تقضي بتوسيع الحكومة لأكثر من 18 وزيرًا، وبإعادة توزيع الحقائب بصيغة مُختلفة عمّا حصل خلال المرحلة الماضية، لكن دائمًا مع رفض منح فريق «رئيس الجمهوريّة ـ التيّار» حصّة وزاريّة تسمح له بتعطيل العمل الحكومي، أو تضع بيده وحده الوزارات الأمنيّة والقضائيّة!