توقع رئيس مجلس النواب نبيه بري كل شيء الا وصول «التسونامي» الى القصر الجمهوري وفق توصيف رئىس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط لعودة العماد ميشال عون من منفاه الباريسي. وقبل ان يستفحل خطر الجنرال حاول بري وبحسب اوساط مواكبة لمواقف الرجلين، انشاء سد سياسي ظنه منيعا باطلاق التحالف الرباعي في وجه الساكن حاليا على الكرسي الاولى صاحب الفخامة، فجاءت نتائج الانتخابات النيابية في العام 2005 لتشكل نصرا ساحقا باكتساح الجنرال كافة المقاعد على الرقعة المسيحية في جبيل وكسروان والمتن ليضع حجر الزاوية ونقطة انطلاق الى بقية المساحات المسيحية الخاضعة لزعامات «البوسطة» حيث كان اقطابها يفرضون على المسيحيين ممثليهم.
وبحسن استشرافه للمستقبل وقع عون ورقة التفاهم في 6 شباط مع «حزب الله» عام 2006 والتي شكلت دستورا بين الحليفين تعمد بالدم في عدوان تموز من العام نفسه حيث لعب «التيار الوطني الحر» دورا بارزا في حماية ظهر المقاومة على الرقعة المحلية في وقت كان البعض يراهن على سحق المقاومة ولا ينسى اللبنانيون يومذاك قدوم وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس لتعلن من السراي الكبير وجوب اطلاق عملية «الفوضى الخلاقة» في المنطقة التي لم تبق حجرا على حجر، حيث غلت المنطقة بدمائها ولم تنضج بعد وفق المخطط الجهنمي الاميركي، ومع خروج «حزب الله» منتصرا من المواجهة لم يخف في مواقفه ان للجنرال دينا في عنقه حتى يوم القيامة.
وتضيف الاوساط انه بحلول الدورة الانتخابية في العام 2009 اصر عون على استعادة قضاء جزين انتخابيا لتبدأ المعركة بينه وبين بري كون نواب هذا القضاء كانوا يستظلون طيلة فترة الوصاية السورية عباءة المصيلح فوقعت الواقعة بين الرابية وعين التينة وانطلقت مسيرة الخلاف بين الطرفين مع الحفاظ على ضوابط من خلال «حزب الله» الذي وازى بين شريكه الشيعي وشريكه المسيحي على قاعدة «هذا عين وهذا عين» وصولاً الى المعركة الرئاسية، حيث لعبها الطرفان على قاعدة كسر العظم حيث دعم «حزب الله» عون بينما اصر بري على السير بالنائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وحصلت المواجهة «بالسلاح الابيض» وكانت النتيجة ان الجنرال اصبح فخامة الرئيس رقم 13 في الجلسة الرابعة من الدورة الثانية.
وتشير الاوساط الى ان المواكبين لما حصل تحت قبة البرلمان ابان دورتي الانتخاب اصيبوا بالصدمة لا سيما وان بعض النواب حاولوا افراغها من مضمونها منتهكين موقع الرئاسة الاولى وموقع الرئاسة الثانية حيث عمد احدهم الى التصويت للفنانة ميريام كلينك بينما انتهك البرلمان بدس احدهم ظرفين في الدورة الثانية كادا يطيحان بالنصاب لولا حنكة بري الذي علق «يا عيب الشوم» مرتين اذ حاول مجهول من النواب ان يحول الانتخابات الرئاسية الى مسرحية صبيانية، ولكن ما توقف عنده المراقبون باستغراب ان بري لم يعلن عون رئيساً للجمهورية وفق العرف المتبع ربما ليرد له الرجل بعدما غمز من موقفه حيال مجلس النواب. معلناً انها البداية وليست النهاية». فهل قرر بري خوض «الجهاد الاكبر» بتشكيله رأس حربة للمعارضة المرتقبة ام انه سيرفع سقفه لينال حصة وازنة من الكعكة الوزارية لا سيما وانه لن يغفر لصاحب الفخامة استغيابه لدى صناعة الطبق الرئاسي الذي وضع الوزير جبران باسيل ونادر الحريري اللمسات الاخيرة عليه، وهل سينجح قطار العهد بالانطلاق بعد انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة وسط اعلان بري «حماه الله ممن حوله» للتذكير بعهد الرئيس فؤاد شهاب حيث كان الرئيس في مكان اما الحاشية فكانت في مكان آخر، وشوهت عهده الاصلاحي مما دفعه الى تعريتها مسمياً اياها «بالفروماجيست» «اي اكلة الجبنة».