IMLebanon

برّي يستجدي النواب لعقد جلسة عامة للتشريع قبل سقوط الهيكل

بعدما هدِّد البنك الدولي بتصنيف لبنان كدولة فاشلة

برّي يستجدي النواب لعقد جلسة عامة للتشريع قبل سقوط الهيكل

ما يبوح به المسؤولون في طهران لأول مرّة منذ شغور رئاسة الجمهورية يكشف أسباب تعطيل الإنتخابات الرئاسية..

للمرة الثلاثين تتأجّل جلسة انتخاب رئيس جمهورية لعدم اكتمال النصاب الذي حدّده الدستور الذي وُضع قبل أكثر من خمس وعشرين سنة في مدينة الطائف السعودية بإشراف وموافقة دولية وعربية، ومن تاريخ إقرار هذا الإتفاق تمّ انتخاب أربعة رؤساء جمهورية هم رينيه معوّض الذي اغتيل في عيد الاستقلال وقبل أن يُقسم اليمين الدستورية والياس الهراوي الذي مدّد له السوريون الذين كانوا لا يزالون يحكمون لبنان ثلاث سنوات والعماد إميل لحود الذي مدّد له المجلس النيابي ثلاث سنوات أيضاً بقرار سوري، وقد أطلق هذا القرار شرارة المعارضة للوجود السوري في لبنان من فندق البريستول، وتحوّلت هذه الشرارة إلى إنتفاضة شعبية جمعت في ساحة الشهداء قرابة نصف عدد اللبنانيين بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم تتوقف هذه الإنتفاضة ولم تستكن إلا بعد خروج آخر جندي سوري من الأراضي اللبنانية. إلا أن هذه الخروج لم ينهِ النفوذ السوري في لبنان من خلال حلفائه التقليديين وحليفه الرئيسي حزب الله ما جعل الإنتفاضة تتعثّر وتدخل البلاد في أزمة سياسية عنيفة، وفي انقسام عامودي عميق إنعكس على مجمل الأوضاع الداخلية، حتى وصل إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسية بعد انتهاء ولاية لحود وخروجه منفرداً من قصر بعبدا، ومع خروجه تفاقم الصراع بين قوى ثورة الأرز وحزب الله والبلاد من دون رئيس جمهورية إلى أن نفّذ الحزب ما يسمّيه بعملية 7 أيار والتي إنتهت بذهاب الفريقين إلى الدوحة والتوصّل بعد مباحثات شاقة ما كانت لتنتهي إلى اتفاق لولا التدخّل الخارجي والإيراني تحديداً على قائد الجيش العماد ميشال سليمان كحل وسط لملء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة تمثّل فيها الفريقان المتخاصمان بشكل شبه متواز، وهذا المشهد يتكرر بعد انتهاء ولاية العماد سليمان مع فارق جوهري، وهو امتناع حزب الله عن إعادة تجربة السابع من أيار بسبب إهتماماته بشؤون أخرى، منها الإنخراط في الحرب السورية لدعم بقاء نظام بشار الأسد، ومن جهة أخرى بسبب إنشغال إيران بالعمل على إنهاء مشكلتها النووية مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، لكنها في ذات الوقت حرصت على الاحتفاظ بورقة الشغور لكي تبقى إيران ممسكة به كواحد من الأوراق التي تخدم مشروعها ودورها في منطقة الشرق الأوسط، وفي الصراع الدائر دولياً وإقليمياً على تقاسم النفوذ فيه.

ومن باب أولى بالنسبة إلى إيران أن لا تحصل الانتخابات الرئاسية في لبنان حتى تبقى وحدها ممسكة بهذه الورقة، وهذا يفسّر استمرار حزب الله في منع حصول هذه الانتخابات وفي استخدام رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون المهووس بعقدة الرئاسة الأولى منذ أن تمترس في قصر بعبدا وبعد خروجه منه داخل دبابة إلى السفارة الفرنسية ومنها إلى منفاه الباريسي، ويفسره أيضاً ما نقله قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عن مصادر غربية من أن إيران صارحت عدداً من الدول الغربية باستعدادها التام للموافقة على المجيء برئيس للجمهورية لا لون له ولا طعم في حال وافقت هذه الدول على بقاء حليفها بشار الأسد حاكماً لسوريا.

هذا الكلام الإيراني الذي يبوح به المسؤولون في طهران لأول مرّة منذ شغور رئاسة الجمهورية كافٍ لمعرفة الأسباب التي جعلت حزب الله يستمر في تعطيل الانتخابات الرئاسية، ويتخذ من العماد عون المهووس بهذا الموقع متراساً يتلطى وراءه بانتظار أن تأتي الإشارة من طهران لتغيير موقفه والتخلي عن استخدام هذه الورقة أو التلطي وراءها ليبعد حليفته إيران عن المواجهة.

ولأن التسوية في المنطقة، وإن كانت وُضعت على نار حامية بعد الدخول العسكري الروسي على الخط لم تنضج بعد وما زالت بالتالي بحاجة إلى مزيد من الوقت، مرّ التعطيل الثلاثين لجلسة انتخاب الرئيس مروراً طبيعياً عند فريق 14 آذار الذي يُبدي حماساً لانعقادها وطيّ هذا الملف بإرادة لبنانية كما يعتقد وعند غالبية اللبنانيين الذين ليسوا ببعيدين عن ما تشهده المنطقة من تجاذبات وتطورات ومن مشاريع وخرائط وبأن بلدهم الغارق في انقساماته الداخلية باقٍ في الأسر وغير مسموح له أن يخرج منه إلا بعد أن تنضج طبخة التسويات، ويحصل كل فريق من اللاعبين على ما يرضيه ويعزّز موقعه أو يخدم استراتيجيته، لكن مخاوف هذه الأغلبية تنصبّ على ارتداد كل ذلك على الداخل، التي قوّضت كل شيء ووضعت بلدهم في حالة لا يُحسد عليها إقتصادياً وإنمائياً وحتى دولياً وفقاً للتهديد الأخير الذي صدر عن البنك الدولي بالإمتناع عن إقراض لبنان باعتباره دولة فاشلة.