IMLebanon

برّي يرى أن هناك مَن لم يغادر بعد مرحلة ما قبل «الطائف»

برّي يرى أن هناك مَن لم يغادر بعد مرحلة ما قبل «الطائف»

مخاوف من وقوع الاستقرار العام والحكومة والإنتخابات ضحايا الاشتباك السياسي

 

هل نكون امام استقالة مقنعة للحكومة من الآن  وحتى السادس من أيار المقبل؟

تعوّدنا في لبنان، عند تفاقم أي أزمة وبلوغ الخطاب السياسي الذروة، استحضار المثل الشعبي القائل «اشتدي يا أزمة تنفرجي»، إلا ان هذا المثل على ما يبدو لن يكون له حضوره على مسرح الأزمة المندلعة بين قصر بعبدا وعين التينة وما تفرع عنها من أزمات أبرزها ما حصل نتيجة الشريط المسرب عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي تناول فيه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، حيث ان المعطيات المتوافرة نتيجة المناخات السائدة تفيد بأن هذه الأزمة تتجه إلى مزيد من التعقيد، وأنها فتحت الأبواب السياسية على شتى الاحتمالات.

والذي يقرأ بين سطور ما صدر عن تكتل «التغيير والاصلاح» يلحظ ان الأمور ذاهبة إلى مزيد من التصادم، وان شظايا الاشتباك السياسي ربما تُصيب مواقع أخرى من بينها الحكومة التي من غير الممكن ان تعود منتجة والخلاف يدب بين مكوناتها، وهي ربما تصبح أقرب إلى حكومة تصريف الأعمال إلى حين بلوغ موعد اجراء الانتخابات النيابية. فالمفردات التي تضمنها بيان «التغيير والاصلاح» اشارت بوضوح إلى ان «التيار» ذاهب إلى الأخير في معركته مع رئيس المجلس، خصوصاً وانه لم يحمل أي معطى يفيد بإمكانية تقديم الاعتذار عمّا قاله باسيل بحق رئيس المجلس، لا بل انه حاول الاضاءة على ما حصل في الشارع متجاهلاً الأسباب التي أدّت إلى حصول هذا الأمر.

وإذا كان الرئيس برّي تجنّب امام السلك القنصلي الحديث عن الواقع السياسي الراهن وبالتالي تجاهل الأزمة القائمة، كما أنه رفض أمام زواره التعليق على البيان الصادر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بهذا الخصوص، فإن مصادر متابعة رأت ان صدور البيان الرئاسي قبل ساعتين من بيان «التغيير والاصلاح» كان بمثابة رسم سقف لبيان «التكتل» الذي لم يأت على أية إشارة توحي بالتراجع عمّا ساقه رئيسه بحق الرئيس برّي.

وتضيف هذه المصادر ان البيان الرئاسي كان جميلاً من حيث الشكل، لكنه في المضمون تجاهل خطأ الوزير باسيل.

وما يُعزّز الاعتقاد بأن قابل الأيام سيحمل المزيد من التأزم السياسي هو انسداد الأفق امام أية محاولة لرأب الصدع، وجنوح هذه الأزمة في اتجاهات مختلفة، وقد عبّر عن ذلك الرئيس بري بقوله امام زواره أن أخطر ما يجري ان هناك من لم يغادر بعد مرحلة ما قبل الطائف، وللأسف يراد نسف الطائف والدستور، وخلق أعراف جديدة، ولا يتوقع أحد بأن أقبل بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للطائف والدستور، وأنا بذلك احافظ على مصلحة البلد وليس على مصلحتي الشخصية.

وترى المصادر المتابعة ان كلام الرئيس برّي لم يأت من العدم وهو لم يكن ليقول مثل هذا الكلام لو لم يكن يستشعر وجود خطر على الطائف من خلال ما تظهره السلوكيات السياسية لدى البعض، وهو بذلك يدق ناقوس الخطر لأنه يرى انه في حال سقط الطائف فعلى البلد السلام.

وتعرب المصادر عن اعتقادها بأنه سيكون هناك ضحايا كثر نتيجة الاشتباك السياسي الحاصل، وأول الضحايا هو الاستقرار السياسي ويأتي من بعده الاستقرار العام نتيجة الوضع المشحون. والضحية الثانية ستكون الحكومة التي ستكون أشبه بالحكومة اللامعلقة واللامطلقة، بمعنى انه ستكون هناك استقالة مقنعة للحكومة بسبب استحالة تعايش وزراء «أمل» والحلفاء مع وزراء «التيار الوطني الحر» ما لم يكن الوزير باسيل قد اعتذر عن اساءته للرئيس برّي. اما الخطر الكبير فسيكون على الانتخابات النيابية إذا ما ستمر الخطاب السياسي على هذا النحو الذي هو عليه اليوم من الآن وحتى موعد هذه الانتخابات، والخوف كذلك من ان يستمر إلى ما بعد الانتخابات في حال لم يُطح بها، فحكماً بعد حصول الانتخابات ستكون هناك خارطة سياسية جديدة نتيجة النتائج التي ستتأتى عن هذه الانتخابات، وعلى أساس هذه الخارطة ستشكل الحكومة، فكيف يُمكن تشكيل حكومة وعلى أي أساس في ظل استمرار الوضع السياسي المأزوم؟

من هنا فإن المصادر المتابعة ترى وكأن البلد الآن يعيش داخل «خلاط»، أي دائم التقلب والاهتزاز، وهذا الأمر غير صحي ويؤدي حكماً إلى ارتدادات سلبية على الواقع اللبناني برمته، لذا فإن التعاطي مع هذا الظرف الدقيق يجب ان يكون حكيماً وهادئاً، وإلا سنكون كمن يُطلق الرصاص على رأسه، فالهيكل إن هو سقط سيسقط على الجميع، وهذه المعادلة تعيها كل القوى السياسية التي تعرف تماماً ان مضاعفات الشارع خطيرة، وفي حال انفلت هذا الشارع على غاربه فإن النتائج ستكون وخيمة وخطيرة، علماً ان هناك إجماعاً من قبل المسؤولين في «امل» على أن خيار الشارع ليس خيارهم، وان جل ما يتم المطالبة به هو عودة من أخطأ عن خطئه.