Site icon IMLebanon

برّي بين «القرار السدّ» والميثاقية

لا يناور رئيس مجلس النواب نبيه برّي في مبادرته القاضية بعقد جلسة نيابية لإقرار قانون جديد للانتخاب قبل نهاية أيار المقبل موعد انتهاء العقد التشريعي العادي الأوّل لمجلس النواب.

هذه المبادرة طرَحها بري جدّياً على طاولة الحوار بين رؤساء الكتل النيابية في الأسبوع الماضي، وأمهلَ القوى السياسية المعنية بالإجابة عنها حتى اليوم الاثنين، على رغم أنّها لقيَت عندما طرَحها موافقة جميع المتحاورين باستثناء حزب الكتائب الذي تمسّكَ بموقفه «الدستوري» الذي يَعتبر أنّ مجلس النواب في ظلّ الشغور الرئاسي هيئة ناخبة ولا يحقّ له التشريع إلّا بعد انتخاب رئيس للجمهورية.

ويقول بري لزوّاره إنّه لا يزال ينتظر أجوبة الكتل النيابية على مبادرته التشريعية هذه، «وفي ضوء هذه الأجوبة سأبني على الشيء مقتضاه، ولكن ما يهمّني أوّلاً وأخيراً هو مصالح الناس».

ويضيف: «لقد طرحتُ هذه المبادرة أمام المتحاورين وتلقّيت تأييد الجميع باستثناء حزب الكتائب، وقلت لهم فيها إنّني سأطرح في الجلسة التشريعية إذا انعقدَت مصيرَ «القرار السدّ» وهو القرار الذي كان مجلس النواب اتّخذه بعد حصول الشغور الرئاسي، ويقضي بعدم إقرار أيّ قانون للانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فإذا قبلت الهيئة العامة للمجلس خلال هذه الجلسة بإلغائه فسأدعو إلى جلسة تشريعية قبل نهاية أيار وتخصَّص فقط للبحث في قانون الانتخاب الجديد، على أن تُطرح فيها كلّ مشاريع القوانين الانتخابية والبالغ عددُها 17 مشروعا». وختمَ برّي: «لا يزايدنَّ أحد عليّ في الميثاقية، فأنا من أوجَدها وأنا الأحرَص عليها، ولكن أكرّر ما قلت سابقاً: لا تحرجوني فتخرجوني».

ولم يكن برّي حتى مساء أمس تلقّى أيّ إجابة رسمية من أيّ طرف سياسي باستثناء ما سَمعه في بعض وسائل الإعلام، ولذلك فإنه بدءاً من اليوم سيبني على الشيء مقتضاه. وفي اعتقاد أوساط نيابية بارزة أنّ بري ذاهب في مبادرته حتى النهاية، وأنّه أيّاً كانت أجوبة الأفرقاء السياسيين العملية عليها فإنّه لن يفوّتَ فرصة عقدِ جلسة أو جلسات تشريع، خصوصاً أنّ بين مشاريع القوانين المحالة إلى الهيئة العامة للمجلس مجموعة من الضروري إقرارُها لارتباطها بمصالح حيوية وملِحّة للبلاد في هذه المرحلة.

على أنّ فريقاً من السياسيين يرى أنّ اقتراح برّي هو بالنسبة إلى مؤيّدي إقرار قانون انتخابي جديد، بل المطالبين به، اقتراحٌ مغرٍ، خصوصاً أنّ الجميع باتوا مقتنعين بأن لم يعُد ممكناً اعتماد قانون الستّين النافذ منذ انتخابات 2009 التي أجريَت على أساسه، فهذا القانون الذي يسمّيه البعض «قانون الدوحة» كونه اتّفِق عليه في مؤتمر الدوحة عام 2008، تخطّاه الزمن ولم يعُد صالحاً، بل إنّه في الأصل لم يكن صالحاً، حيث إنّ الأفرقاء السياسيين، أو بعضَهم، استحضروه من العام 1960 إلى الآن، خِلافاً لـ«إتفاق الطائف» وما ينصّ عليه في شأن قانون الانتخاب العصري الذي يحقّق عدالة التمثيل وشموليته في مجلس النواب.

ولكن، في رأي هؤلاء السياسيين أنّ الخيبة الكبرى التي يمكن أن يصابَ بها اللبنانيون وربّما يكون لها وقعُ الصاعقة عليهم ستكون عندما يكتشفون أنّ بعض القوى السياسية التي تستميتُ في المطالبة بإقرار قانون انتخاب جديد، لا تريد مثلَ هذا القانون فعلاً، لأنّها كانت ولا تزال تجد ضالتَها في القانون الحالي النافذ، وتراهن على تبلوُر ظروف ومعطيات في مرحلة لاحقة من شأنها أن تفرض الإبقاء عليه كونها ما تزال ترى فيه ما يؤمِّن مصالحها وأهدافَها السياسية والانتخابية حتى ولو كان ذلك على حساب مستقبل البلد وتطلّعات أجياله إلى الخروج من آفاق النظام الانتخابي الأكثري الإقصائي إلى النظام الانتخابي النسبي الذي يحقّق فعلياً للّبنانيين عدالة التمثيل وشموليةً في الندوة النيابية.