IMLebanon

علاقة بري – دياب على محكّ نتائج جلسة الحكومة والتعيينات

 

أكثر من سبب يجعل الاهتمام منصباً على جلسة الحكومة اليوم. موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري وتلويحه بتعليق مشاركة وزرائه، اذا لم تتخذ القرار بتسهيل عودة اللبنانيين الراغبين من الخارج جراء انتشار وباء “كورونا”، والعلاقة بين الوزراء بعد السجال المستجد الذي شهدته مواقع التواصل أمس، بين وزيرة المهجرين غادة شريم ووزير الزراعة عباس مرتضى، والذي وسّع التباين بين الرئيسين وأظهر خلافهما أكثر الى العلن.

 

ينتظر بري الجلسة كي يبني على الشيء مقتضاه، التزمت مصادره الصمت بانتظار ما سيكون عليه اليوم وبعدها هناك الكثير ليحكى ويقال. لكن الحكومة تلقفت الكرة وهي في صدد فتح الباب امام الراغبين بالعودة من المغتربين. لكنه اجراء معقد ويلزمه الوقت والتنسيق مع دول بعضها أوقف العمل في حركة الملاحة الجوية. لكن مجرد أن تعلن الحكومة الشروع في الإجراءات يعني أنها اقفلت الباب على خلاف كاد أن يطيح بها، لولا تدخلات رأب الصدع بين الحلفاء في اللحظات الاخيرة.

 

وبينما كانت المساعي تتواصل للتقريب بين بري ودياب للإتفاق على جلسة الحكومة، ظهر الى العلن سجال لم يكن موفقاً لا من حيث الشكل ولا المضمون بين شريم ومرتضى، خصوصاً أنه اتى في أعقاب خطاب مسهب للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، قال فيه ما يمكن ان يطيّب خاطر بري ويصبّر رئيس الحكومة حسان دياب الذي لم يعد يعرف من أي جهة يتلقف الهجومات على حكومته.

 

فخلال اطلالته الأخيرة اثبت السيد نصرالله أنه الأكثر أهلية لتجاوز خطوط التماس داخل الحكومة أو بين أطراف الاكثرية والمعارضة. برشاقة سياسية استثنائية بدّد خطوط التماس التي أخذت بالظهور داخل الأكثرية وبعث برسائل ايجابية إلى الآخرين خارج الحكومة. هو حاول أن يفهم كل الأطراف أننا وفي ظل انتشار كورونا بتنا أمام ظرف يستلزم حالة استنفار وطوارئ وطنية، وأن ثمة ضرورة ليكون البلد كله الى جانب الدولة والحكومة لتجاوز هذه المحنة وتشكيل سد منيع امام الخطر الداهم. يحاول “حزب الله” قدر الإمكان تدوير الزوايا بين حلفائه حفاظاً على الحكومة. يدرك حساسية بري في كثير من الأمور التي يعترض عليها والتي ليس موضوع المغتربين الا واحداً من بينها.

 

بين بري والإغتراب تلازم تاريخي، هو الذي أمضى معظم حياته مقيماً في سيراليون وعاد ليكون وزيراً على رأس وزارة تعنى بشؤونهم في العام 1985، فترجم وعيه الاغترابي كجزء من وعيه السياسي لتشكل مسألة الاغتراب حساسيته الاولى، أطلق صرخته والتحق به بقية السياسيين من 8 و14 آذار. وللموضوع صلة بجالية كبيرة من الشيعة موزعة في أنحاء دول افريقيا واوروبا، يشعر بري انه المعني الاول بأوضاعهم حيث لا يمكن اذا ما تغافلت الدولة او غضت النظر عنهم، نظراً لأوضاعها الحرجة ان يدعهم في مواجهة الخطر من دون التفاتة منه. لكن هل ان موقف بري من الحكومة مبني على خلفية التعاطي مع ملف المغتربين أم ان حسابها طفح لديه؟

 

الواضح ان موضوع المغتربين احتل واجهة الاعتراض فيما الاعتراض الاكبر والاوسع هو على ملف التعيينات الإدارية في المراكز المالية، حيث علم بري أن هذه التعيينات تتم وبالوساطة بالتنسيق مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وأن رئيس الحكومة ميّال للأخذ بالإقتراحات التي قدمها الأخير، وأن ثمة أطرافاً أخرى تساعد في إنضاج طبخة التعيينات وغيرها بمعزل عنه.

 

ليست المرة الاولى ولن تكون الأخيرة على ما يبدو التي يختلف فيها بري مع دياب. ولكن الغريب هو تهديد بري بتعليق تمثيل وزرائه في الحكومة، وهو موقف لم يكن ليعلنه في اسوأ مراحل الخلافات السياسية التي كانت تشهدها الحكومات السابقة، وقد عبر عنه في أحرج ظروف الحكومة وأعقدها على كل المستويات، في ما بدا وكأنه اراد ان يصيب برسالته أكثر من طرف دفعة واحدة بمن فيهم “حزب الله” الساكت ضمناً عن تدخلات حليفه. وربما أن بري تقصّد اعلان ما اعلنه ليقول لمن صدّق توصيف حكومة التكنوقراط، انه ممثل حزبياً طالما أن ثمة أطرافاً محازبة اخرى تتدخل والعمل لا يسير وفق نظرية التكنوقراط.

 

الجو العام لم يعد على ما يرام بالنسبة الى الحكومة، مشاريع واقتراحات لم يبصر أي منها النور بعد، وتعقيدات في مواجهة الحكومة ورئيسها وقد بات الطوق محكماً حولها، حتى صار الشك في امكان استمرارها مبرراً… فهل يفعلها دياب أم يستمر في تحديه وعين “حزب الله” تحرس حكومته.