IMLebanon

برّي يتريّث في تحديد موعد الحوار وجلسة الإنتخاب في انتظار زيارة لودريان ونتائجها 

 

 

لم يُقرّر رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي حتى الساعة، إذا كان سيمضي فيما دعا إليه بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه أم لا، وقد تضمّنت دعوته هذه عقد جلسات حوار لمدّة سبعة أيام تحت قبّة البرلمان، على أن تليها جلسات مفتوحة ومتتالية لانتخاب رئيس الجمهورية. أمّا سبب عدم اتخاذه القرار النهائي بعد حول موعد الحوار، وموعد الجلسة الـ 13 لانتخاب الرئيس المنتظرة، فلا يعود فقط الى بقاء قوى المعارضة على موقفها من رفض الحوار، بقدر ما يتعلّق أيضاً بزيارة الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان المرتقبة أوائل الأسبوع الطالع، ونتائجها ليبني على الشيء مقتضاه.

 

فقوى المعارضة تصرّ على موقفها الرافض للحوار في البرلمان، على ما أكّدت مصادر سياسية مطّلعة، معتبرة إياه غير دستوري، فيما ستُلبّي دعوة لودريان الى التشاور والتحاور مع اشتراط أن لا يكون هناك طرف ثالث معهما. أمّا رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل فيبدو حائراً بتموضعه، وقد أشار الى أنّ الدعوة الى جلسات مفتوحة تبدو ملتبسة، رغم توضيح البعض أنّ برّي سيدعو الى جلسة إنتخاب مفتوحة أي بدورات متتالية، الى حين خروج الدخان الأبيض من البرلمان.

 

وأشارت المصادر الى أنّ نحو 86 نائباً قد يُلبّون دعوة برّي للحوار، وقد يذهب أكثر من هذا العدد بكثير الى جلسة انتخاب الرئيس، خشية اتهام الكتلة المقاطِعة للجلسة بالتعطيل. في حين أنّ المطلوب إجتماع جميع الكتل النيابية ومناقشة الملف الرئاسي بكلّ تفاصيله، وإن كان البعض يرفض منطق التسويات. فالدعوة ذات شقّين: الحوار أولاً والذهاب الى الإنتخاب ثانياً، على غرار ما اقترح لودريان رغم أنّ بيان اللجنة الخماسية لم يأتِ على ذكر أي طاولة حوار. ولهذا ينتظر برّي، بحسب المعلومات زيارة لودريان، وما سيواكبها من اتصالات ومشاورات وضغوطات ربّما قبل تحديد موعد الحوار والجلسة.

 

وأوضحت المصادر نفسها أنّ برّي حاول التوفيق بين رأيين متناقضين في البرلمان، أحدهما يُحبّذ الحوار ويدعو إليه، والثاني يُطالب بالذهاب فوراً الى عقد جلسة انتخاب الرئيس، على ما ينصّ عليه الدستور، أي أن تكون مفتوحة وتبقى الدورات متتالية الى حين فوز أحد المرشحين. وقد حاول برّي من خلال إطلاق مبادرته الجمع بين الرأيين، بمعنى إرضاء الأطراف كافة توصّلاً الى التوافق على إسم الرئيس المقبل. ولكن يبدو أنّ مَن يؤيّد عقد الجلسة الإنتخابية لا يؤيّد الحوار، فيما يربط “الوطني الحرّ” تلبية الدعوة الى الحوار بالذهاب بعده الى جلسة الإنتخاب، أكان حصل التوافق أم لا.

 

من هنا، فإن اتخاذ برّي لقرار “عقد الحوار بمٓن حضر” لا يزال قيد الدرس، سيما وأنّ قوى المعارضة قد تعتبره تحدّياً أو تهميشاً لها. وهذا ما لا يريده برّي الذي يحاول دائماً تدوير الزوايا، ويسعى الى التوفيق بين وجهات النظر المختلفة في البرلمان. ولهذا يتريّث في تحديد موعد الحوار والجلسة منذ الآن لمعرفة ما ستُثمر عنه زيارة الموفد الفرنسي، والتطوّرات المتأتية عن لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش قمّة العشرين التي تُعقد حالياً في نيودلهي في الهند.

 

وبرأي المصادر ذاتها، فإنّ مبادرة برّي الحالية منسّقة مع اللجنة الخماسية التي يُنتظر اجتماعها قريباً، على ما أفادت المعلومات، وتودّ بشتى الوسائل الجمع بين المواقف النيابية توصّلاً الى انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن. وتبحث حالياً بإسم خٓلٓف لودريان بعد التحاقه بمهامه الجديدة كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في العُلا في السعودية، والذي قد يكون الموفد القطري أو الموفد السعودي اللذين سيزوران لبنان خلال الأيام المقبلة.

 

وتستبعد المصادر أن يبقى لودريان متفرّغاً للملف اللبناني، خلافاً لما يتوقّع البعض، رغم استلامه مهامه الجديدة في المنطقة، وإلّا لما كان لوّح خلال زيارته السابقة كموفد رئاسي الى لبنان، بأنّ محاولته هذه تُمثِّل “الفرصة الأخيرة”. في الوقت الذي تؤكّد فيه فرنسا أنّ موفدها سينجح في مهمّته في لبنان في التوصّل الى حلّ يفضي الى انتخاب رئيس الجمهورية في أيلول الجاري.

 

وفي الواقع، يعلم النوّاب أنّه ليس من “فرصة أخيرة”، لأنّ هناك دائماً ابتداع للفرص في لبنان، رغم أنّها توّجّل التوصّل الى الحلّ لحاجتها الى المزيد من الوقت. مع العلم بأنّ الحوار الذي دعا اليه لودريان مُسمياً إيّاه “طاولات عمل”، سيضمّ لقاءات ثنائية أو ثلاثية أو أكثر، وفي أوقات مختلفة. في حين اشترطت قوى المعارضة للمشاركة فيه أن تلتقي لودريان على انفراد من دون وجود أي طرف ثالث. أمّا حوار برّي فيُفترض أن يضمّ جميع المشاركين فيه في وقت واحد، تحت قبّة البرلمان. ولكن من الممكن أن يتحوّل الى لقاءات ثنائية مع برّي، في حال صعوبة التحاور في قاعة المجلس الكبرى، لشرح المواقف والمطالب والخروج بنتائج وخلاصات، في حين تبقى الأمور مفتوحة ومرهونة بوقتها.