Site icon IMLebanon

الحوار المطلوب

 

 

أمّا وقد بادر الرئيس نبيه بري إلى الاعتذار عن عدم المضي في الحوار بين الكتل النيابية، معلّلًا قراره بعدم موافقة كتلَتي التيار الوطني الحر (لبنان القوي) والقوات اللبنانية (الجمهورية القوية) على المشاركة فيه، فهذا دليل مباشر وصريح على أن لبنان في الطريق إلى فراغ في السلطة طويل، يتمثل بشغور رئاسي وبتعذر تشكيل حكومة… إذ لم يعد ممكناً تأليف الوزارة في غياب الشريك الدستوري في إصدار المراسيم.

 

بعيداً عن الصراع على النفوذ، الذي لم يعد خافياً على أحد، إذ هو يفضح ذاته بذاته.

 

ذهبنا في عجالة سابقة ضمن «شروق وغروب» إلى تأييد الدعوة إلى الحوار اعتقاداً منا أن الباب مقفل أمام استعادة تكوين السلطة بالمبادرات الداخلية غير الموجودة أصلاً. لم نكن نعتقد أن الحوار كان سيصل إلى كسر «الستاتيكو»، ولكننا كنا نأمل أن يكون الحوار بمثابة الحصاة التي تُلقى في بركة المياه الراكدة، على تمنٍّ أن تنبثق من دوائرها فكرة، مجرّد فكرة، قد تحمل لو بادرة إيجابية نحو أي عقل خلّاق، فيُبنى عليها. ولكن من أسف، لأن الـ»بلوكاج» أقوى وأشدّ صلابة من أن يُسجِّل فيه أيّ فريق داخلي خرقاً، مهما كان ضئيلاً.

 

أمام هذا الجمود القاتل نرانا نكرّر أنه لم يعد ثمة بديل عن حراك خارجي قد يكون من شأنه أن يوصل إلى نتيجةٍ ما. بالرغم من اقتناعنا بأن أي حل يأتي من الداخل يبقى أفضل بكثير من ذاك الذي يأتي به الخارج إلينا… ولكن ما العمل أمام جمود الفكر الجمعي اللبناني عندنا ما يصح فيه القول المأثور: «فإذا عقول بخواتم ربها».

 

من أسف نحن في زمن الضحالة، على المستويات كافة، في الزمن اللبناني الرديء. وفي زمن الإثرة من جهة والمصالح الذاتية الآنية المهيمنة على «الجماعة السياسية» اللبنانية والمتحكّمة فيها، هذه الجماعة التي لم يعد يعنيها من لبنان إلّا تحقيق المكاسب، ولو على حساب مصلحة الوطن العليا.

 

ولكن، هل سيتحرك الخارج، وإذا تحرك هل سيراعي مصلحة لبنان ويأخذها في الاعتبار، في وقتٍ يعمل اللبنانيون، بأيديهم على ضرب آخر ما تبقى من مقوّمات للبنان الذي كان، في الماضي القريب، زينة بلدان المنطقة وجوهرة الإقليم وموضع تقدير واحترام المجموعة الدولية؟!.

 

نشك في ذلك كثيراً، لأن زمن الرجال (رجال الدولة) قد ولّى إلى غير رجعة.