«الرّئيس برّي طالب ممثّلي الدّول الخمس المعنيّة بالشّأن اللّبناني بأن يساعدوا على الحلّ وأن لا يسعوا إلى فرض إسم أو وضع فيتو على آخر، وأعاد عليهم المواصفات الّتي ذكرها في ذكرى تغييب الإمام الصّدر في صور وأضاف إليها الموضوعات الأكثر إلحاحاً…
كان برّي مسشعراً خطورة المراهقات السّياسيّة والمغامرات الّتي تُمارس في بازار المزايدات الطّائفيّة، بدءاً من تعطيل الحوار ثمّ تحويل الجلسات إلى مسرحيّة استعراضيّة هزليّة وصولاً إلى التّهديد بتعطيل نصاب جلسات الانتخاب بدل ملاقاته إلى منتصف الطّريق والإنتقال إلى مرحلة التّسمية الجدّيّة وتحويل الاستحقاق الرّئاسيّ إلى عرس ديموقراطي، كما يحلو لبرّي أن يصفه، يهنّئ فيه الخاسرُ الرّابحَ ولو بفارق صوت واحد..
«الكنيسة القريبة ما بتشفي» يستخدم برّي هذا المثل، لتوصيف مرحلة ما قبل اتّفاق الدّوحة عام 2008 يوم رفضت قوى 14 آذار دعوة برّي إلى الحوار وقبلتها من دولة قطر مع أنّ بنود الحوار نفسها..».
هذا الاقتباس من مقال نُشر في اللّواء يوم ١١ آذار الماضي، نعيده لتذكير اللّبنانيين بالفرص الّتي تهدرها بعض القوى السّياسيّة على مذبح المناكفات والخلافات، والوقت الّذي تسرقه من أعمار اللّبنانيين وحاضرهم ومستقبلهم رغم تراكم الأزمات وتشعّبها.
عاد الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، ممثّلًا اللّقاء الخماسي الّذي اجتمع في الدّوحة ليلقي على اللّبنانيين كلمة السّرّ الّتي بُحّ الرّئيس برّي وهو يجاهر فيها، الحوار.
هذه هي الكوّة الّتي فُتحت في جدار الأزمة الرّئاسيّة، وهذا ما خلصت إليه مشاورات اللّقاء الخماسيّ، وقد نُقل بأنّ السّعوديين رفضوا مبدأ الحوار المفتوح خوفًا من انتقال البحث من الأزمة الرّئاسيّة إلى تعديل النّظام أو تغييره، فرسى الرّأي على استبدال كلمة «الحوار» بعبارة «التّشاور» وحصر النّقاش في نقطتين:
– ما هي عناوين المرحلة المقبلة؟
– ما هي مواصفات الرّئيس؟
بالمناسبة، هذه نفسها العناوين الّتي دعا إليها برّي سابقًا ورفضها الخصوم الّذين قبلوها اليوم من لودريان، وقد نقل الموفد الفرنسي إلى برّي موافقة الأفرقاء اللّبنانيين على «التّشاور» لحلّ الأزمة الرّئاسيّة ضمن هذه الشّروط، وأثنى لودريان على برّي ودوره الوطني مثمّنًا ما يقوم به من محاولات لحلّ الأزمة بالحوار والتّفاهم.
وحسب زوّار عين التّينة فإنّ موعد المشاورات سيكون في بدايات شهر أيلول المقبل، وليس محسومًا مكان انعقادها إن كان في قصر الصّنوبر أو في المجلس النّيابي أو غيرهما، لكنّ الأكيد أنّه لن يكون خارج لبنان.
وإذ لاحظ زوّار برّي ارتياحه لما حمله لودريان كونه يعكس مخرجات اللّقاء الخماسي إلّا أنّ عتب رئيس المجلس على القوى الّتي رفضت الحوار الدّاخلي بادٍ بوضوح، فلو ذهبوا إلى الحوار في الأسابيع الأولى من الشّغور الرّئاسي لوفّرنا على اللّبنانيين الكثير من الأزمات والخسارات، وليس آخرها أزمة حاكميّة المصرف المركزيّ.
في هذا الإطار ينقل زوّار رئيس المجلس تفهّمه لمواقف حلفائه المتباينة عن موقفه، فلكلّ رأيه وحساباته الّتي بنى عليها رأيه، وللرّئيس برّي موقف مبدئي عبّر عنه بوضوح: لا بدّ من تعيين حاكم أصيل بصلاحيات كاملة كي يقوم بمهامه، وواجب الحكومة القيام بذلك فليس ثمّة معنى لتصريف الأعمال بالمعنى الضّيّق ولحكم الضّرورة أوضح من خطر فراغ الحاكميّة في هذه الظّروف الاستثنائيّة.
حكي عن مخرج يقوم على استقالة نائب الحاكم الأوّل فيستلم النّائب الثّاني، تنفي مصادر قريبة من عين التّينة هذه الفرضيّة وتقول: إمّا أن يستقيل الجميع أو يبقى الجميع.
وعن احتمالات المرحلة والحلول الممكنة في السّاعات المقبلة تقول مصادر قريبة من حركة أمل: «اللّهمّ إنّنا بلّغنا، الرّئيس ميقاتي يحاول تأمين ضمانات تشريعيّة لنوّاب الحاكم كي يقوموا بمهام الحاكم لكن دون ذلك عقبات وصعوبات، الخيارات ضيّقة والأيّام القادمة صعبة، فليتحمّلوا المسؤوليّة أمام اللّبنانيين».