Site icon IMLebanon

الحوار والمسدس

 

بدعوته إلى الحوار في أيلول، يكون رئيس فريق الحوار في الممانعة، الرئيس نبيه بري، قد استعاد لعبة باتت سمجة، لطالما لجأ إليها كلما أراد تغيير بوصلة الأحداث.

تجاوزاً للعيب المتمثل بقيام رئيس البرلمان، بإسقاط شرعية البرلمان، وبنزع الصفة البرلمانية عنه، ولصق الصفة الأقل من استشارية به، سيؤدي هذا المهرجان إن حصل، إلى تأكيد أنّه لا توجد مؤسسات في لبنان، وأنّ مجلس النواب على وجه التحديد، هو مؤسسة معفية من القيام بواجباتها، وأنّه الظل الباهت لمؤسسة الحوار، التي ابتدعها بري في العام 2006 والتي تسحب فكرة إخراجها من الدرج كلما دعت الحاجة، لتضفي على الانتخابات النيابية صفة لزوم ما لا يلزم.

يهدف رئيس المجلس، إلى تحقيق مجموعة أهداف من الفكرة غير المفاجئة. الهدف الأول تسهيل مهمة الوسيط الفرنسي، لتحقيق فكرة الحوار على يد فرنسا، التي تعثرت مهمتها الأولى المتمثلة بتمرير معادلة سليمان فرنجية – نواف سلام، وتكاد الثانية المتمثلة بالدعوة للحوار، تتعثر، قبل أن يطلق بري مبادرته.

الهدف الثاني يريد الوصول إلى شق المعارضة، والقوى النيابية المستقلة، وهذا تحقق جزئياً، بعدما تجاوب بعض هؤلاء مع الدعوة، ظناً منهم أنّ هناك إمكانية لانتخاب رئيس في أيلول، وأنّ الجلسات المفتوحة ستؤدي إلى تحقيق هذا الهدف، في حال صدقت الوعود المجلسية.

أمّا الهدف الثالث، فهو كسب المزيد من الوقت، والتخفيف من مهمة التعطيل، التي مارسها فريق بري لعشرات الجلسات، وآخرها جلسة حزيران، التي لو لم يتم إسقاط نصابها لأدت إلى انتخاب رئيس الجمهورية.

منذ العام 2005 ، و»حزب الله» يستعمل سلاح الحوار، لكسب الوقت ولتنفيذ المزيد من المناورات. في العام 2006، كان الحوار المناورة الأكبر، التي أدت في ما بعد إلى حرب تموز، وإلى احتلال وسط بيروت والسابع من أيار.

في العام 2010، تم الانقلاب على حكومة سعد الحريري، خلافاً لاتفاق الدوحة، وفي العام 2016 ، أطبق «حزب الله» على رئاسة الجمهورية، وعلى الجمهورية، ولا يزال على إمساكه بكل مفاصلها.

بعد كل طاولة حوار كان انقلاب، فماذا يحضّر «حزب الله» اليوم من وراء الدعوة إلى الحوار؟ وما هي حدود سياسات الفوضى والعنف التي ستستعمل، لفرض انتخاب رئيس ممانع؟ ذلك للتذكير بالواقع الذي تم فرضه بعد اغتيال محمد شطح، والذي استكمل فيه «حزب الله»، تشكيل السلطة بما يتناسب مع مشروعه، وبما يتناسب مع خطته الطويلة الأمد، التي لم يتوقف فيها عن القضم، والتي تحضّر لبنان لمراحل صعبة آتية.