من النقاش الذي سيحصل في البند الاول من جدول اعمال الحوار بعد غد في ساحة النجمة، والمتعلّق برئاسة الجمهورية، سيكون سهلاً معرفة ما سيؤول اليه هذا الحوار، فالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية يأخذه في منحى، وعدم الاتفاق سيأخذه في منحى آخر…
يقول رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره: «انّ موضوع رئاسة الجمهورية سيكون البند الاول للبحث على طاولة الحوار، واذا لم نتّفق عليه ننتقِل الى بند آخر، ومن يعلم ربما نتّفق على قانون انتخاب ونحقق من خلاله اختراقاً، فالاتفاق على هذا القانون يساعد في أشياء كثيرة بحيث نجري انتخابات على اساسه وننتخب بعدها فوراً رئيس الجمهورية، وفي هذه الحال لا يكون للخارج أيّ تأثير في هذا الاستحقاق».
ويضيف بري: «انّ التوصّل الى قانون انتخابي جديد يتطلّب أمرين: الاتفاق على اعتماد النظام النسبي كلياً أو جزئياً، والاتفاق على عدد الدوائر الانتخابية. ففريق 8 آذار، وأنا منه، يؤيّد النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة او اعتماد المحافظات دوائر انتخابية، لأنّ النسبية تؤمن صحة التمثيل وعدالته، بينما فريق 14 آذار، وحتى الاستاذ وليد جنبلاط، لا يؤيّد النسبية،
ولكنّ هذا الفريق طرح اعتمادها بنسَب معينة مقابل اعتماد النظام الأكثري بنسبة أكبر بقليل، ولكنني طرحتُ 64 مقابل 64، أي انتخاب نصف اعضاء المجلس النيابي على اساس النظام النسبي مقابل انتخاب النصف الآخر على اساس النظام الاكثري، لكنّ فريق 14 آذار قال نعم ولكن،
وتهرّب من الموضوع وراح يتحدث عن أنّ لدى حزب الله سلاحاً من شأنه أن يؤثر في العملية الانتخابية، فقلت لهم انّ حركة «أمل» لديها سلاح ايضاً، وتبيّن ان هذا الفريق لا يسير في ايّ قانون انتخاب لا يضمن له الفوز بالأكثرية النيابية. في حين انّ المطلوب ان يكون قانون الانتخاب غير حاسم في هذا الأمر، والّا فما الداعي له اذا كان يحدّد مسبقاً من يفوز بالأكثرية النيابية».
ويؤكد بري «انّ صيغة 64 نسبي و64 أكثري تمكّن المسيحيين من انتخاب 52 نائباً مباشرة من دون تأثير القوى السياسية والطوائف الأخرى عليهم، ويضاف الى هذا العدد بعض النوّاب المسلمين الذين يفوزون بأصوات مسيحية، وفي المقابل هناك قليل من النواب المسيحيين يفوزون بأصوات اسلامية، وهذا ما يجعل قانون الانتخاب متوازناً في ظلّ النسبية التي لا ينبغي ان تشكّل قلقاً لأيّ فريق».
ويكرّر بري القول مجدداً «انّ نسبة نجاح الحوار تراوح بين الصفر والمئة، واذا فشل لن يكون فشلاً لنبيه بري، بل للجميع، مع العلم انني أتوقّع ان يؤثّر هذا الحوار على بلدان المنطقة ويدفعها الى مساعدتنا، فهو سيكون في رأيي حافزاً ونموذجاً يُحتذى به في العالم العربي، لأن في الدول التي تعاني اقتتالاً وحروباً لا يوجد فيها مثل هذا الحوار الذي سيحصل في لبنان.
ومعلوماتي في هذا السياق انّ الإيرانيين مستعدون للحوار مع السعوديين في أيّ وقت. واعتقد انّ سقوط عدن الأخير كان خسارة للجميع، إذ بعد سقوطها ارتفعت فيها رايات «داعش» و«القاعدة».
ويضيف بري: «لقد كنت حريصاً على عدم تضمين جدول أعمال الحوار أيّ بند يمكن ان يشكّل تدخّلاً في صلاحيات مجلس الوزراء، ولذا ابتعدتُ بهذا الجدول عن القضايا الخدماتية التي هي من اختصاص السلطة التنفيذية. وفي حال أعلن فريق آخر غير «القوات اللبنانية» رغبة في مقاطعة الحوار فإنّي سأبادر شخصياً الى تأجيله».
وردّاً على سؤال عن حديث البعض عن أكثرية هذا الفريق أو ذاك في صفوف المتحاورين، قال بري: «ليس في الحوار أكثريات، فالقرار فيه سيتّخذ بالتوافق وليس بالتصويت، والمسألة هنا ليست مسألة 8 أو 14 آذار وإنما هي حوار وطني يستهدف إيجاد الحلول للأزمة.
اذا اراد البعض ان يدخل الى الحوار وفق مقولة «صباح الخير يا أقرع»، فسيكون هذا «باب المشكل». وانا لم أبادر الى الدعوة لهذا الحوار «من أجل بَيت بيّي»، وإنما أردتُ منه ان نتحاوَر ونتشاوَر للوصول الى حلول تُخرج البلد من أزماته».
وحول موقف «القوات اللبنانية» بعدم حضور الحوار، قال بري: «انّ جعجع ليس مشاركاً في الحكومة وما قاله لا يتعارض مع الدستور، ولكن من يريد انتخاب رئيس وإقرار قانون انتخاب وانتخابات نيابية عليه ان ينزل الى مجلس النواب لا أن يقاطعه، فكيف يمكن إقرار قانون الانتخاب بمعزل عن هذا المجلس؟».
وفي معرض تعليقه على التظاهرة المقررة الاربعاء المقبل، والتي قال البعض إنها ستحاصر المتحاورين لأنها متزامنة مع انعقاد طاولة الحوار، قال بري: «انا لا اعتبر نفسي محاصراً، وإنّي على استعداد للمشاركة مع المتظاهرين وتقدّم صفوفهم، فما يطرحونه حَق ونحن في حركة «أمل» عندما تحرّكنا بقيادة الإمام الصدر ضد الحرمان إنما انطلقنا بمطالب أقلّ من مطالبهم».
وأضاف: «بين هؤلاء المتظاهرين فئة من الشرفاء التي ترفع مطالب مُحقّة، وقد يرتكبون أخطاء بريئة في سياق تحرّكهم. وهناك فئة ثانية من أصحاب العلاقة العلنية مع الأميركيين وهم معروفون بالأسماء، وقد فاتحتُ السفير الاميركي عندما زارني أخيراً برفقة مساعد الدفاع الأميركي فلم ينكر علاقة هؤلاء بالسفارة الاميركية، ولكنه اكّد لي أن لا قرار لدى الاميركيين بدفعهم الى التحرّك وأنه يؤيّد التظاهر انطلاقاً من حرية الرأي والتعبير».
واضح بري في كلامه هذا، الرجُل يريد للحوار ان ينجح لأن لا خيارات أخرى بديلة من شأنها إحداث نقلة نوعية أو اختراق في جدار الأزمة، فهو فرصة اذا لم يَقتنصها المتحاورون قد لا تتكرّر، وانّ البديل سيكون أقلّه الدوران في الفراغ… وربما الفوضى.