Site icon IMLebanon

بري لم ينس جزين فثأر على «البارد» من الجنرال

قد يكون الجمع بين الماء والنار على استحالته ممكناً الا ان هذه الامكانية مستحيلة قياساً على الجمع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والعماد ميشال عون، قامتان متناقضتان في كل شيء من طريقة مقاربة الملفات السياسية وصولاً الى شخصيتي الرجلين، الا انهما يشتركان في الدهاء، تقول اوساط مواكبة للرجلين، فبري داهية في المخارج والمداخل السياسية، اما الجنرال فداهية، وغالباً ما يتقن فن بعثرة اوراق اخصامه وحلفائه متى اقتضى الامر، فهو انتحاري في السياسة ولا يستسلم ولو سقط الهيكل على رأسه ولم يرفع سقفاً في اي موقف وتراجع عنه قيد انملة.

وتضيف الاوساط نفسها ان خلافهما في مقاربة الملفات سياسياً يوازيه خلافهما في تركيبتهما الشخصية وفي المزاج ايضاً، فالمعروف ان بري ملك في «الانكلة» وسيد في «القفشات» وغالباً ما كان يكسر رتابة جلسات المجلس النيابي ايام انعقاده سعيداً «بنكتة» من هنا و«قفشة» من هناك غالباً ما يوقظ ضحكها بعض من أدركته حمى النعاس من النواب الممددين لأنفسهم حتى يقدر الله امراً كان مفعولاً، اما تركيبة عون فهي الوجه الاخر لشخصية «ابو مصطفى»، فالجنرال لا يمزح ولا يحب المزاح، عبوس واذا ما ضحك في مرات نادرة تكون ضحكته اقرب الى «التكشيرة» منها الى الضحك، ويهضم كل شيء ما عدا لقاءاته مع الاعلاميين اذ يتفنن بجلدهم ونهرهم اذا اقتضى الامر دون ان يراعي احداً.

وتشير الاوساط الى انه ربما كتب للرجلين ان يتواجها في مراحل عدة منذ عودة الجنرال من منفاه الباريسي، فعند توقيع «ورقة التفاهم» بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» اعلنا انهما يفتحان المجال ويفسحان لأي طرف بالانضمام اليهما، الا ان بري فضل ان يبقى خارج الاطار والابقاء على الثنائية الشيعية والتعامل مع عون على قاعدة انه شريك شريكه، اما بيت القصيد في انطلاقة المواجهات بين بري والجنرال فتعود الى الانتخابات في قضاء جزين الذي كان مرشحوه طيلة فترة الوصاية السورية يخرجون من عباءة المصيلح، الا ان عودة «التسونامي» افقدته هذا الامتياز ليتحول قضاء جزين الى مرمح برتقالي، وبري يمهل ولا يهمل فانتظر الجنرال على مفرق بعبدا ليعلن دعمه المطلق لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الاولى، وسبق له ان اعلن ان لا احد سيضع مسدساً في رأسه لارغامه على التصويت لصالح عون، وابلغ وزير الخارجية جبران باسيل انه لن ينتخب عمه كونه طعن في شرعية مجلس نيابي يريد منه انتخابه في ان وعلى قاعدة ان الرئاسة تسوية وفق المنظور العوني، وعلى خلفية «وقعت ولا الجمل رماك» كون الثأر طبق يؤكل بارداً وفق المراقبين لايقاع بري السياسي وهو صاحب القول المشهور «لا تجربوني».

وتقول الاوساط ان خلاف بري وعون الذي لم يستطع النفط في المياه الاقليمية اللبنانية من غسل قلبي الرجلين ادى الى الاطاحة بطاولة الحوار تحت عنوان الميثاقية علماً انها من اجتراح بري واستعملها باسيل لغرض في نفس يعقوب الرئاسة بهدف اخراج العماد جان قهوجي من قيادة الجيش وعدم التمديد له، الا ان بري استعاض عن طاولة الحوار بورشة الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في عين التينة كون الاحتقان السني ـ الشيعي هو بيت القصيد اولا وأخيراً لتبريد اصحاب الرؤوس الحامية وتمديد المرحلة بالحد الادنى للخسائر، وعندما قصف البرتقاليون حكومة «المصلحة الوطنية» مهددين «بفرضها» تنطح بري للحفاظ عليها كونها آخر ملاذ دستوري للساحة المتآكلة فوصفها «بكامل الاوصاف» وان خروج او اعتكاف وزراء «التيار» لن يفسد في الود قضية، ولا سيما ان تحويل حكومة الرئيس تمام سلام الى حكومة تصريف اعمال اعلان رسمي لانهيار الدولة، وهنا يتقاطع موقف «حزب الله» مع موقف شريكه، وخصوصاً انه غارق في قتال التكفيريين وان الخلافات الداخلية يجب ان تبقى تفصيلاً صغيراً في ظل «لعبة الامم» التي لم تبقِ على شيء في المنطقة الملتهبة.