IMLebanon

برّي ينأى بنفسه عن الإستحقاق الرئاسي ويحرِّض على تغيير النظام

لأن الإنسحاب الروسي أعاد خلط الأوراق الإقليمية والدولية

برّي ينأى بنفسه عن الإستحقاق الرئاسي ويحرِّض على تغيير النظام

الوسط السياسي اللبناني مُقتنع بأن أوضاعه الداخلية باتت مرتبطة بمصير الأزمة السورية

إعتاد اللبنانيون على أن يسمعوا من الرئيس نبيه برّي في لقائه النيابي كل يوم أربعاء، كلاماً جديداً عن الاستحقاق الرئاسي يحمل على التفاؤل، وكان آخر ما سمعوه منه هو أن طبخة الاستحقاق قد نضجت وحان قطافها.

وصادف أن تزامن هذا الكلام المفرط في التفاؤل مع كلام لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وآخر لزعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري ذهبا أبعد منه في تفاؤلهما وحدّدا موعداً لانتخاب رئيس للجمهورية في شهر نيسان المقبل، مستندين في ذلك إلى حركة التحوّلات التي تشهدها الأزمة السورية وأبرزها التفاهم الروسي – الأميركي على وقف الأعمال الحربية والعودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف للبحث عن تسوية سلمية لهذه الأزمة التي دخلت عامها السادس ولا أفق لأي حل سلمي ولا سيّما بعد الدخول العسكري الروسي دعماً للنظام وتجاوزه كل الخطوط الحمر المرسومة دولياً.

وبين أسبوعين حدثت تطوّرات دراماتيكية على صعيد الأزمة السورية، منها دخول الطرفين بمفاوضات تحت رعاية روسية – أميركية وبإشراف ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة دي ميستورا وأهمّها الإنسحاب الروسي الجزئي المفاجئ من سوريا وترك رئيس النظام السوري لوحده في مواجهة المعارضة التي تسعى إلى أن تتوحّد حول موقف واحد من هذا النظام.

وقد ترك هذا الانسحاب الروسي المفاجئ علامات استفهام كثيرة، لا سيّما على الصعيد اللبناني الذي أصبح مقتنعاً بأن أوضاعه الداخلية باتت مرتبطة بمصير الأزمة السورية سلماً أو حرباً ولا سيّما منها الاستحقاق الرئاسي، وأن أي تقدّم على هذا الصعيد مرهون بالتقدّم في المفاوضات السلمية بين المعارضة والنظام السوري، حول الدوافع الرئيسية لهذا الانسحاب المفاجئ وهل هو من أجل الضغط على النظام السوري لتقديم تنازلات تسهّل عملية التسوية السياسية، أم هو تخلٍ عن الرئيس الأسد بناء على صفقة عقدتها موسكو مع الولايات المتحدة الأميركية التي لم تغيّر موقفها من أن لا يكون للأسد مكان في التسوية السياسية المقترحة على أساس مبادئ جنيف واحد.

ويبدو أن الرئيس برّي لم يحصل بعد على أجوبة واضحة لهذه الاستفهامات، أو ربما لا يزال ينتظر أن تأتيه في وقت لاحق فنأى في اللقاء النيابي أمس بنفسه عن الأزمة الرئاسية وحوّل الأنظار في اتجاه أبعد من الاستحقاق الرئاسي وهو النظام ليترك إنطباعاً عاماً بأن الأزمة لا تكمن في الخلاف على من سيأتي رئيساً للجمهورية بل في النظام نفسه الذي يجب في رأيه إعادة تكوينه على أساس قانون إنتخابي جديد يقوم على النسبية، وهو يعرف أن مثل هذا الأمر لا يمكن تحقيقه في ظل الإنقسام العامودي الحاصل بين فريقين سياسيين متعادلين في القوّة التمثيلية داخل المجلس النيابي، وجعله بالتالي يعطي إشارة جديدة إلى أن موضوع انتخاب رئيس جديد وضع على الرف بعد التحوّلات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة وسوريا تحديداً، وعلى اللبنانيين الانتظار إلى أن تتبلور صورة هذه التحوّلات ما دام أنه من الصعب وحتى من المستحيل عزل لبنان عن تداعيات هذه التحوّلات عليه.

ومما لا شك فيه أن ما تشهده الساحة الدولية هذه الأيام من تحركات في اتجاه المنطقة، وأبرزها الزيارة التي أعلنها الرئيس الأميركي أوباما إلى المملكة العربية السعودية هي استكمال لهذه التحوّلات التي تشهدها الأزمة السورية والتي كرّست المملكة لاعباً أساسياً في هذه المنطقة لا يمكن تجاوزها في أية حلول ترسم أو تطبخ لها، الأمر الذي يعطي بارقة أمل بالنسبة إلى كل اللبنانيين بأن يشهدوا حلحلة لأزماتهم الداخلية بدءاً من أزمة الاستحقاق الرئاسي الذي كادت أن تدخل في عامها الثالث من دون بروز أي بوادر إيجابية لحلّها وإعادة الوضع الطبيعي إلى هذا البلد المنكوب بالأزمات المتلاحقة والناتجة عن ت داعيات ما يجري في الإقليم ولا سيّما في سوريا.

وفي هذا الإطار كشف مصدر بارز في تيّار المستقبل النقاب عن أن الوضع الرئاسي عاد على حدّ التعبير الذي استخدمه الرئيس برّي إلى الثلاجة ولا يمكن إخراجه منها قبل أن تتبلور كل مجريات الأزمة السورية ومساراتها بعد الانسحاب الروسي ودخول مفاوضات التسوية السياسية بين المعارضة والنظام مرحلة جديدة، تختلف عن سابقاتها باختلاف التطوّرات والمواقع وأيضاً المواقف.