إقتراح برّي بتقريب الإنتخابات جدّي ويعيد ترتيب الأولويات السياسيّة والإقتصاديّة
خلط أوراق وأمر واقع إيجابي.. ومناقشات مع القوى السياسية لاحقاً لتسويقه
«المستقبل» يتريث وموسى يُؤكّد لـ«اللواء»: إلغاء البطاقة يتطلّب تعديل قانون الإنتخاب
تعددت القراءات والآراء والتحليلات والاستنتاجات والتوصيفات حول اقتراح القانون الذي قدمه رئيس المجلس النيابي نبيه بري باسم «كتلة التنمية والتحرير»، لتقديم موعد إجراء الانتخابات النيابية من ايار المقبل الى نهاية العام الحالي كأقصى حد إن لم يكن قبل هذا التاريخ، بينما تعتبر اوساط في الكتلة وفي حركة «امل» ان الامر أبسط من ذلك بكثير، وهو يتعلق فقط وحصراً بمنع اي محاولة لتأجيل انتخابات الربيع أو للتجديد مرة جديدة للمجلس تحت اي حجة او ذريعة سياسية او تقنية أو إجرائية تتعلق بآلية إجراء الانتخابات.
وفي رأي المعنيين بالاقتراح انه يهدف الى اعادة ترتيب الاولويات السياسية والاقتصادية ايضاً، عبر اقتراحه تأكيد إجراء الانتخابات مرفقاً باقتراحات اخرى لاحقاً تتعلق بقانون الضرائب على الشركات التي ستستثمر في قطاع النفط والغاز اللبناني، وبإنشاء شركة وطنية رسمية للنفط تكون شريكاً اساسياً في القطاع لمنع احتكاره، إضافة الى مشروع إنشاء الصندوق السيادي الذي يستخدم اموال وعائدات النفط لسد الدين العام المتنامي على لبنان. وهو بذلك يعيد تركيز النقاش في البلد حسب الاولويات: الاكثر اهمية فالمهم فالأقل اهمية.
وقد قطع بري الطريق على احتمال تأجيل الانتخابات بوضع القوى السياسية امام امر واقع جديد ايجابي ايضاً، بحيث لا تصبح صعوبة او تأخير او تعذر إنجاز بطاقة الهوية «البيومترية» سبباً لتأجيل او تأخير إجراء الانتخابات، خاصة ان وزير الداخلية نهاد المشنوق أقر في بيانه التوضيحي المكمّل عملياً لإقتراح بري،انه لم يكن متحمساً للبطاقة الممغنطة ولا للهوية «البيومترية» للاقتراع بواسطة احداهما، نظراً لكلفتها العالية اولاً ولضيق الوقت امام الوزارة لإنجازها، مع انه كان يفضل الهوية «البيومترية» لأنها ترافق المواطن كل حياته بينما البطاقة الانتخابية الممغنطة تستخدم مرة كل اربع سنوات كما قال. إضافة الى مشكلات تقنية ولوجستية مالية كبيرة في موضوع اقتراع الناخب في مكان إقامته لا مكان قيد نفوسه، مع الاشارة الى استمرار الخلافات بين القوى السياسية حول التسجيل المسبق للناخب ليصبح لديه حق الاقتراع حيث يسكن.
وهنا تُطرح اشكالية توفير الامكنة الكبيرة لتسجيل الناخبين وتأمين عملية الاقتراع لهم من مختلف المناطق في بقعة جغرافية صغيرة بين بيروت وضواحيها القريبة في محافظة جبل لبنان، حيث الاغلبية الساحقة من كل اللبنانيين من كل المناطق، وهو ما قد يكون احد الاسباب المعيقة لإجراء الانتخابات.
قد يصح توصيف خلط الاوراق على اقتراح الرئيس بري، لكنه حسب مصادر «كتلة التنمية والتحرير» خلط اوراق ايجابي وليس سلبياً، بمعنى انه لا يهدف الى نتيجة سلبية او الى تغيير في المعادلات والتوازنات السياسية، ولا هي مراهنات داخلية او خارجية ولا مناورة سياسية، بل تثبيت لمبدأ إجراء الانتخابات سواء في وقت مبكر او في موعدها في ايار المقبل، فالمهم ان تجري الانتخابات لأن المجلس الحالي والقوى السياسية فيه فقدت مصداقيتها امام جمهورها ولم يعد ممكناً تأخير او تأجيل الانتخابات او تمديد ولاية المجلس ولا يوم اضافي.
وهذا الموقف اكده لـ«اللواء» عضو كتلة التحرير النائب الدكتور ميشال موسى بالقول: ان سبب اقتراح الرئيس بري هو الخوف من حصول ما يؤخر إجراء الانتخابات كتعذر إنجاز البطاقة، فحسم الموضوع لجعل الانتخابات مضمونة خاصة انه منذ اقرار قانون الانتخابات لم يحصل اي تطور على صعيد اجراءات تنفيذه ولا احد يعلم كيف تتجه الامور.
وعما اذا كان يوافق القائلين ان الرئيس بري وضع الجميع امام امر واقع؟ قال الدكتور موسى: هناك خياران، اما نجري الانتخابات بتقديمها واما نؤخرها فلا توجد خيارات كثيرة، اما نكون مع تقديم الانتخابات واما تبقى على الموعد ذاته، يجب ان نحدد موقفا مع هذا الخيار او ذاك، ومن الافضل تقديمها كنوع من الضمانة.
وفي حال لم يتم إنجاز البطاقة «البيومترية» هل يمكن التصويت بالهوية العادية او جواز السفر؟ قال موسى: ساعتها لا بد من تعديل قانون الانتخاب ليسمح بذلك لأن البطاقة منصوص عنها في القانون.
ولكن السؤال هنا: لماذا أقرت القوى السياسية قانوناً انتخابياً مختلف حتى الان على تفاصيل تطبيقه، بين راغب في التسجيل المسبق واعتماد البطاقة الممغنطة او الهوية «البيومترية» وبين من يفضّل استخدام الهوية العادية او جواز السفر تسهيلاً للاجراءات اللوجستية وتوفيراً للوقت وللكلفة المالية، وهو الخلاف المستمر منذ اكثر من ثلاثة اشهر وظهرت تباشيره في جلسات اللجنة الوزارية الخاصة ببحث تفاصيل تطبيق القانون الجديد.
والسؤال الموازي الذي يُطرح هنا: هل كانت القوى السياسية او بعضها تُضمر في قرارة نفسها رغبة في وضع الغام امام تنفيذ القانون بما يؤدي الى تأجيل الانتخابات او تعديل القانون لاحقا بعدما لمست ان نتائجه في الصناديق لن تكون كما اشتهت او اجتهدت؟
يبقى ان امام الرئيس بري شوطاً إضافياً في مسعاه لتثبيت إجراء الانتخابات، وهو التواصل مع القوى السياسية من اجل مناقشتها في اقتراحه واقناعها به، فإن لم يتمكن من حشد اغلبية الاصوات للاقتراح ليصبح قانونا نافذا يكون قد كسب أجر المحاولة، ويكون قد كرّس إجراء الانتخابات في ايار المقبل بشكل اكيد وألزم القوى السياسية بها، لكن الرد الرافض الاول للاقتراح جاء من وراء البحار على لسان وزير الخارجية جبران باسيل الموجود في اميركا، الذي اعتبر ان اقتراح بري ينسف الاصلاحات الواردة في قانون الانتخاب. فهل تكر سبحة الاعتراضات ام ان حلفاء بري سيؤازرونه كما فعل نواب «حزب الله» والنائب بطرس حرب امس في جلسة المجلس التشريعية وقبلهم الرئيس نجيب ميقاتي، بينما اعتبرت مصادر سياسية وسطية محايدة ان اقتراح بري قد يشكل مخرجا كحل وسط؟
هذا فيما فضلت كتلة «تيار المستقبل» – حسب ما قال النائب عمار حوري لـ«اللواء» – التريث باتخاذ القرار لحين مناقشة الموضوع تفصيليا في اجتماع الكتلة.