IMLebanon

بري يُحرج المعترضين: قانون الانتخابات إلى اللجان المشتركة

إصرار على التشريع.. وتغليب التفعيل على التعطيل

بري يُحرج المعترضين: قانون الانتخابات إلى اللجان المشتركة

كان من المفترض ان يتصاعد الدخان الابيض من عين التينة، ويعلن الرئيس نبيه بري موافقة القوى السياسية على الافراج عن المجلس النيابي، وبالتالي اطلاق عجلة التشريع.

انتظر بري ردود القوى السياسية على مبادرته الرامية الى اعادة فتح المجلس النيابي امام جلسة نيابية عامة تحت سقف «الضرورة التشريعية»، لكن السلبية واجهته، فبقي مفتاح البرلمان ضائعا في الكيديات السياسية ومنطق العصبيات والطائفية.

لم يتفاجأ بري بتلك السلبية، خاصة وان مواقف القوى السياسية على اختلافها، وفي مقدمها فريق المعطلين، شديدة الوضوح بالنسبة اليه، ومع ذلك ظل يراهن على ايجابية تطلق عجلة التشريع، وتلغي «الفضيحة» التي تحاول ترسيخ مقولة «ان تعطيل البرلمان هو القاعدة، وتفعيله واطلاق عجلة التشريع هو الاستثناء».

جوهر المؤتمر الصحافي الذي عقده بري في مقر رئاسة المجلس النيابي، في عين التينة امس، انه ابقى الكرة في ملعب المعطلين، وأوصل رسالة الى حيث يجب ان تصل بانه لم يصل الى حائط مسدود، وقراره الا يصل اليه، بل سيبقى في موقع المبادر ولن يستسلم او يحيد عن المسار الذي يسلكه، فلجأ إلى «ربط نزاع» مع فريق التعطيل، رمى من خلاله الصنارة من جديد، لعلها تلتقط «سمكة التشريع»، من اليوم ولغاية نهاية العقد العادي الاول للمجلس في الحادي والثلاثين من ايار المقبل.

عملية «ربط النزاع» هذه، تسير بالتوازي مع سيل من الاسئلة التي تولّدت عن «سلبية الرافضين» لاعادة مد شرايين الحياة الى البرلمان:

ـ ماذا حقق المعطلون من منع مجلس النواب من الانعقاد؟

ـ هل يعقل ان ترهن مؤسسة كبرى كمجلس النواب لمزاج بعض الزعامات والمنطق الطائفي، ولماذا يدفّع البرلمان والناس الثمن؟

ألا يؤسس هذا التعطيل المنهجي، الذي ينسحب من مؤسسة الى مؤسسة، الى مزيد من التحلل والانهيار والشلل للمؤسسات؟

ـ هل المشاريع التي تعطى صفة الضرورة والالحاح والعجلة، هي حصرا لفئة من اللبنانيين، ام انها لعموم الشعب اللبناني؟

ـ ما هو رأي رافعي شعارات الحرص على الدستور وفصل السلطات وصيانة المؤسسات، وكيف يوفق بعضهم بين شعاراتهم، وبين مشاركتهم في تعطيل المجلس؟ ثم هل أن مؤسسة مجلس النواب هي مؤسسة خاصة لنبيه بري وتخدم توجهات حركته السياسية حصرا، ام انها مؤسسة لبنانية تعتــبر «أم السلطات» و«أم المؤسسات»؟

هل ان بري هو العائق او المانع لاجراء الانتخابات الرئاسية، لكي يصار الى تعطيل البرلمان؟

كان في مقدور بري أن يواجه السلبية التي قوبلت بها مبادرته، بالنزول مع المعطلين، او من باتوا يسمون «اصحاب المنطق الطائفي الذين يمارسون لغة شعبوية على حساب المؤسسات» الى حلبة الاشتباك السياسي، عبر الدعوة المباشرة الى جلسة تشريعية استنادا الى قناعته الراسخة بأن للمجلس الحق في التشريع ساعة يشاء ولا توجد اية موانع قانونية او دستورية تحول دون ذلك. الا انه لا يريد ان يكسر الجرة معهم، ولا يريد ان يقتل الناطور، بل ان يأكل العنب من خلال عقد الجلسة التشريعية بالحد الاعلى من التفاهم والتوافق حولها.

التف بري على تلك السلبية بإحالة اوراق الصيغ الانتخابية على اللجان النيابية المشتركة للشروع في دراستها، وبناء الصيغة الانتخابية التوافقية خارج رغبات القوى السياسية التي ثبت بالملموس انها تتعاطى مع القانون الانتخابي كبذلة انتخابية يفصلها كل منها على مقاسه. والمهم الا تتحول اللجان المشتركة الى طبخة بحص على غرار سابقاتها التي تناولت الموضوع نفسه. يقول بري «ان امامه متسعا من الوقت من الآن وحتى نهاية أيار.. وكل يوم يمر له ثمنه وسيحسب له حساب».

منطق بري يقول إن التعطيل مرفوض، وقد صار خطيرا خاصة وانه ينعكس على مصالح كل اللبنانيين. وبناء على هذا المنطق اعطى فرصة جديدة لتلقف دعوته الى تغليب «التفعيل» على «التعطيل»، بالتوازي مع تركه الباب مفتوحا امامه للدعوة الى جلسة تشريعية تعيد استنساخ الجلسة السابقة التي فرضت نفسها بنفسها وذهبت الى تشريع الضرورة .

وكان بري قد استهل مؤتمره الصحافي بنعي «8 و14 آذار». وقال: «ما يحصل حولنا ومنّا وفينا ومن داخلنا ومن خارجنا يؤكد الموت السريري لما يسمى 8 آذار ولما يسمى 14 آذار». هذا واقع، فقد اختلفت كل المعايير والامور. وبالتالي فان التمسك بقوانين مقترحة رسمت بهدف من يربح على من بين المجموعتين او بين التكتلين او بين الفريقين، لم يعد في محله على الاطلاق».

أضاف: «لا تريدون تشريعاً ولا للضرورة الا مع قانون انتخابات، وانا امامي في المجلس النيابي 17 مشروع واقتراح قانون اغلبها صيغ بهدف التغلب على الفريق الآخر انطلاقاً من الفكرة الاساسية الانقسام بين 8 و 14 آذار، بينما ابتعدنا عن قوانين ترسم للبنان، للانسان، للمرأة، للشباب».

وتابع: «سأدعو اللجان المشتركة لاعادة درس كل هذه المشاريع والاقتراحات لنجيب على سؤالين فقط: أولاً ماهية الدوائر. ثانياً ماهية النظام، نسبي؟ او اكثري؟ مختلط؟ فردي؟ فتفضلوا يا سادة، خصوصاً من وقف ضد اقتراحي لانهاء كل هذه المواضيع قبل نهاية أيار، ولنعمل ليل نهار مع الآخرين للخروج برؤية واحدة او متقاربة او محصورة ولو باقتراحين او ثلاثة، بشكل يمكن الذهاب الى الهيئة العامة ونفاضل بينها ليبنى على الشيء مقتضاه».

وقال «وقوفي هذا الموقف عند رغبتكم ليس تراجعاً عن قناعاتي ابداً امامكم، بل احتراماً لكم وحرصاً عليكم وعلى لبنان».

واكد بري أنه ما زال عند قناعاته أن للمجلس حق التشريع في جميع الظروف، «ولكن الآن لن ادعو الى جلسة تشريعية قبل ان تنهي اللجان المشتركة عملها الذي سيبدأ في اسرع وقت»، لافتا الى ان النصاب مؤمّن للجلسة التشريعية، مؤكداً ان حضورها ما بين الـ 75 و80 نائبا، «النصاب موجود، وكان بإمكاني ان احلها فوراً. سأعطي فرصة علّني اتمكن من ان اتوصل الى شبه اجماع، ولكن مع الاسف لم ار ذلك».

ونفى علمه باقتراح انتخاب النائب ميشال عون لسنتين معتبرا هذا الكلام «تضييع وقت» لان هذا الاقتراح يحتاج الى تعديل دستور «فإذا كنا نستطيع ان نعدل الدستور، نستطيع ان ننتخب رئيساً».