الرئيس نبيه بري يبحث عن مشكلة منذ أيام. نادراً ما ألحّ في طلب هذه البضاعة كما فعل في الأيام القليلة الماضية. لم ينفعل العماد ميشال عون قطّ. فسارع رئيس المجلس أمس، عبر «السفير»، إلى رفع السقف. وبحسب منطق الأمور، فإن ما قاله يفترض رداً سريعاً وقاسياً من عون. ولو حصل ذلك، لكان ارتاح رئيس المجلس في كرسيّه ضاحكاً!
ما هي الخطوة التالية؟
قال رئيس المجلس إن «جميع الذين التقاهم الرئيس سعد الحريري خلال مشاوراته الأخيرة اعترضوا أو تحفظوا على انتخاب الجنرال، هذا على المستوى الداخلي. أما على مستوى الموقف السعودي، فليست هناك مؤشرات على أنه تبدل إيجاباً في اتجاه عون أو أنه يمكن أن يغطي الحريري». وكرر بري أنه مع وصول فرنجية «فهو الخيار الذي يمكن الاطمئنان إليه، على كل الصعد، من الطائف وتوازناته إلى خيار المقاومة وثوابته».
حتى اللحظة، لا يمكن فهم تبرّعه ليكون الناطق باسم كل من قال إنهم يعارضون عون
بحسب حسبة رئيس المجلس، لا يوجد بين اللبنانيين من يرغب في وصول عون إلى المجلس إلا حزب الله. وهو يرى أن هؤلاء يمثلون الغالبية، وأن هذا موقفهم، ولو قالوا العكس في العلن. ثم هو يقول لنا إن السعودية هي الطرف الخارجي الذي يمنح الموافقة أو الرفض. وأبلغنا ثقته بأنها ترفض وصول عون.
ما تقدّم يعني أن رئيس المجلس يعيد على مسامعنا ما يقوله أركان قوى 14 آذار، من أن عون هو مرشح حزب الله وإيران وسوريا، وأن هذا المحور يريد فرضه على اللبنانيين. ثم هو نفى عن عون أن يكون ضمانة وطنية، لا لاتفاق الطائف ولا لخيار المقاومة… هل هذا ما يقصده رئيس المجلس، هل هو، هنا، يشتري مشكلة مع عون، أو مع داعمي وصوله إلى الرئاسة؟ الله اعلم!
في الأيام الماضية، بدا رئيس المجلس أقرب إلى خطاب 14 آذار. قال إن البطريرك الماروني بشارة الراعي محق في قلقه على الوضع الاقتصادي. لكن السبب في القلق ناجم عن مسؤولية من يعطل الحكومة والمجلس النيابي. وهو هنا يتهم عون ولا أحد غيره. وربما نسي أن يضيف: ومن يمنع انتخاب رئيس للجمهورية
ما سبب تصعيد رئيس المجلس؟
حتى اللحظة، لا يمكن فهم تبرّعه ليكون الناطق باسم كل من قال إنهم يعارضون عون. هؤلاء لا يقولون علناً ما يقول بري إنهم يقولونه سراً. ومع أن لهؤلاء حيثياتهم الكبيرة داخلياً وإقليمياً، تراهم يبتعدون عن خيار المواجهة. لا بل هم يرسلون ما يجب من رسائل إلى العماد عون وإلى غيره، ويعربون عن استعدادهم من الآن للتعاون في المرحلة المقبلة إذا انتخب رئيساً. وهؤلاء هم كل من تحدث عنهم بري، من الحريري نفسه الذي يناقش مع عون تفاصيل تتعلق بكيفية إدارة البلاد، إلى جنبلاط الذي قال إنه لا يملك الفيتو المانع، إلى جعجع والجميّل ومسيحيين آخرين يتحدثون عن أهمية استعادة المواقع المسيحية المؤثرة في الدولة. في المقابل، لا يخفي فرنجية معارضته الحاسمة لوصول عون.
طيب، لماذا يتصدى بري لهذه المهمة؟ هل هو أقدر من هؤلاء جميعاً على مقارعة العماد عون؟ بالتأكيد لا. هل موقعه في رئاسة المجلس يمنحه قدرة التعطيل لو سار الجميع؟ بالتأكيد لا… هل هو يمثل نقطة التقاطع الإقليمية والدولية ومعه كلمة السر؟ طبعاً لا!
الواضح، أن كل من لا يريد عون رئيساً، ولا يقدر على قول ذلك علناً، أو هو مستعد لصفقة معه، لا يريد أن يدخل في مشكلة، لأنها لا تخص عون فقط. هم يتجنبون صراحة ومواربة الصدام مع حزب الله!
فهل يقول بري إنه الأقدر على القيام بهذه المهمة؟