«هل تريد أميركا أن أدفع الرواتب لنواب حزب الله نقداً؟»
بري مواجهاً غلايزر: لعلمك… شقيق نصرالله في «أمل»
عندما وصل خبر تفجير بنك لبنان والمهجر الى الرئيس نبيه بري فيما كان لا يزال يتناول طعام الإفطار، في عين التينة، نظر الى مَن حوله وقال لهم: أخشى ان البعض سيسارع الى اتهام «حزب الله»..
وبالفعل، صدقت توقعات بري، وانبرى الكثيرون من خصوم الحزب الى تحميله بصورة مباشرة او غير مباشرة المسؤولية عن التفجير، وهو ما نبه رئيس المجلس الى محاذيره، عبر البيان الذي صدر عنه في أعقاب استهداف المصرف.
ويستغرب بري الاستعجال في إصدار الأحكام المسبقة، في وقت لم تكن الاجهزة الامنية والقضائية قد بدأت تحقيقاتها بعد، مشيرا الى ان هذا السلوك يشبه ذاك الذي ساد في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عندما سارع البعض الى اتهام سوريا بارتكاب الجريمة، بعد لحظات من وقوعها، بل ان الجيش السوري خرج من لبنان تحت وطأة هذه الجريمة، لتتغير المعادلة لاحقا ويصوّب الاتهام في اتجاه «حزب الله». ويضيف: سيناريو الاتهام السياسي ذاته تكرر بعد الاعتداء على مصرف لبنان والمهجر، من دون الاتعاظ من التجربة السابقة، مع فارق وحيد هذه المرة وهو ان الاتهام الاول وُجه الى الحزب..
ويشدد بري على ضرورة معالجة تداعيات قانون العقوبات المالية الاميركية بالحوار البنّاء بين الحزب وحاكم مصرف لبنان، لافتا الانتباه الى ان بعض المصارف ارتكب قبل وبعد صدور هذا القانون اخطاء، وهذه حقيقة مثبتة لا يمكن انكارها.
ولم يتردد بري في شرح وجهة نظره حيال هذا الملف، بصراحة شديدة، امام مساعد وزير الخزانة الاميركي دانيال غلايزر، خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، حيث اتبع رئيس المجلس «استراتيجية هجومية» في محاورة ضيفه، بحضور السفير الاميركي في لبنان ريتشارد جونز.
منذ اللحظات الاولى، أمسك بري بزمام المبادرة، وظل على هذا المنوال، حتى نهاية اللقاء. بعد تبادل المجاملات الديبلوماسية، أطلق بري «صليته» الاولى من المواقف «البعيدة المدى»، قائلا لضيفه: «سيد غلايزر.. أعرف ان هناك في لبنان من يتبرع بتقديم الوشايات لكم حول من يتعاون مع حزب الله.. أنا سأوفر عليكم العناء، وسأكون الواشي الاكبر بالحقيقة كما هي. انا الحليف الاول لحزب الله، وأتعاون معه في كل المجالات، بدءا من البلديات حيث توجد قرابة 200 بلدية مشتركة بين الحزب وحركة أمل، تتم من خلالها مشاريع انمائية ومعاملات مالية تحمل توقيعَي الطرفَين، فهل هذه ـ وفق مفهومكم ـ تنطوي على إدانة لنا؟».
وتابع: «لعلمكم، ان بلدية الغبيري التي نتشارك فيها مع الحزب تُعتبر الاغنى من حيث مواردها بعد بلدية بيروت، وحساباتها وعملياتها المالية تمر عبر وزارة المال التي يتولاها أحد وزرائي في الحكومة علي حسن خليل، إلا إذا كان المطلوب نقل الاموال بالاكياس».
وواصل بري اندفاعته، لافتا انتباه غلايزر الى ان نواب «حزب الله» يتقاضون رواتبهم عبر شيكات تصدر عن المجلس النيابي، فهل تريدونني ان أدفع لهم «كاش»؟
وقبل ان يلتقط الزائر الاميركي أنفاسه، عاجله بري بإضافة من العيار الثقيل، مخاطبا إياه بالقول: «ان النسيج اللبناني متداخل، وعلى سبيل المثال فإن الكثيرين من افراد العائلات في البيئة الشيعية يتوزعون بين حركة أمل وحزب الله، ولا أدري إذا كنت تعلم ان شقيق السيد حسن نصرالله هو مسؤول في حركة أمل».
كما اشار بري الى ان «مؤيدي حزب الله ليسوا من الشيعة فقط، وهناك مجموعة واسعة من المسيحيين وغيرهم تؤيده، متسائلا عما إذا كان ذلك يعني ان بيكار العقوبات سيتوسع».
وبرغم مطالعة بري، إلا ان غلايزر تمسك بضرورة تطبيق القانون الصادر عن الكونغرس، فأوضح له رئيس المجلس ان البرلمان اللبناني أقر قوانين مالية تتضمن أعلى معايير الامتثال للنظام المصرفي الدولي، ونحن معنيون بها بالدرجة الاولى.
وتوجه بري الى غلايزر بالسؤال الآتي: هل تريدون حلا؟
ـ غلايزر: نعم… بالتأكيد.
ـ بري: الحل عندي.
ـ غلايزر: ما هو؟
ـ بري: هل تثقون في حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونوابه؟
ـ غلايزر: نعم.. اننا نثق بهم.
ـ بري: «حسنا.. دعونا نحتكم الى مصرف لبنان والى القوانين المالية التي أصدرناها في تشرين الثاني 2015. كما اقترح عليكم مراقبة الحسابات بدل الاشخاص، فإذا تبين بعد التدقيق والتحقيق ان هناك ما هو مريب في هذا الحساب او ذاك، تتخذ التدابير المناسبة وفق المعايير الموضوعية التي لحظتها أصلا التشريعات اللبنانية.
ولدى خروجه من عين التينة، أكد غلايزر ثقته في المصرف المركزي. ولكن هل سيتمكن سلامة من كسب ثقة «حزب الله» أيضا؟