يبدو واضحاً انّ شروط التأليف السريع للحكومة الجديدة لا تزال غير ناضجة، في انتظار انّ يُنهي الرئيس المكلّف الدكتور حسان دياب مهمة الاستطلاع والاستكشاف. ومع ذلك يأمل رئيس مجلس النواب نبيه بري في ان لا تطول فترة إنجاز الطبخة الحكومية إنما من دون ان يعني ذلك سلقها سلقاً.
يتمسّك بري بمجموعة معايير ناظمة للتأليف، وهو لا يجد حرجاً في الدفاع عن حق الاحزاب في دخول الحكومة المقبلة، على رغم من انّ هناك مزاجاً رافضاً لها وناقماً عليها، لدى بعض الاوساط السياسية والشعبية بعد 17 تشرين الاول.
ويؤكّد بري امام زواره، انّ «في أرقى الديموقراطيات يتمّ اختيار وزراء حزبيين الى جانب الاختصاصيين»، لافتاً الى «انّ الاحزاب هي ركيزة النظام الديموقراطي والعمل السياسي». ويضيف: «انّ الاحزاب اللبنانية لديها شخصيات تتحلّى بالشفافية والنظافة وبالتالي يمكنها ان تتمثل في الحكومة بمثل هذه الشخصيات التي تجمع بين الانتماء والنزاهة».
وحين يُقال لبري أنّ الرئيس المكلّف قال إنّه سيسعى الى تشكيل «حكومة اختصاصيين مستقلين»، يجيب: «هذا رأيه ونحن نحترمه، لكن لدينا رأينا ايضاً». ويؤكّد بري الاستعداد لتقديم كل الدعم لدياب لكي ينجح في مهمته، مشيراً إلى «أنّ التسهيلات التي قدّمناها له حتى الآن كبيرة، ونحن جاهزون للمزيد منها، لأنّ هناك حاجة الى تشكيل الحكومة في اقصر وقت ممكن حتى تتصدّى للأزمة الاقتصادية والمالية وتداعياتها».
ويلفت بري الى انّه سبق لحركة «أمل» و»حزب الله» ان «قدّما كل التسهيلات الممكنة للحريري وابديا كل مرونة حياله ليتولّى تأليف الحكومة الجديدة»، موضحاً انّه اقترح عليه في هذا الاطار «ان تتكوّن التشكيلة الحكومية من 24 وزيراً يتوزعون بين 18 تكنوقراط و6 سياسيين فقط». ويضيف: «حتى اللحظة الأخيرة بقينا نحاول اقناعه بقبول خيار التكليف، وآخر محاولة قام بها الخليلان اللذان زاراه في «بيت الوسط» لحضّه على عدم الانسحاب «وما كان ناقص بعد إلاّ نبوس إيدو»، لكنه اصرّ على الرفض، خصوصاً بعد قرار «القوات اللبنانية» بعدم تسميته».
ويستغرب بري التحرّكات الاحتجاجية التي يقوم بها انصار الحريري في الشارع اعتراضاً على عدم تكليفه، معتبراً انّ دوافعها غير واضحة «ما دام أننا فعلنا المستحيل لكي يعود الى رئاسة الحكومة، وحتى عندما أُبلغ اليّ انّ «القوات اللبنانية» لن تسمّيه نصحته بالاستمرار، لأنّ حسابات التكليف غير حسابات التأليف، فما الذي كان مطلوباً منا اكثر من ذلك؟».
وعُلم انّ بري توجّه الى الحريري بنصيحة خلال «الغداء الاخير» الذي جمعهما في عين التينة، قائلاً له: «لا تلعب بالنار يا دولة الرئيس. ممكن تظبط معك مرة، بس هيدا لا يعني انّ النار لعبة».
ويُعرب بري عن اعتقاده بأنّ الحريري تعامل مع مسألة رئاسة الحكومة على قاعدة «عينو فيها وبيتغنج عليها»، مرجحاً انّ رئيس «المستقبل» «يشعر حالياً بالندم».
ويعتبر بري انّ على دياب «السعي الى تمثيل الجميع، حتى اولئك الذين امتنعوا عن تسميته خلال الاستشارات»، مشيرًا الى انّه تناهى الى مسامعه انّ الرئيس المكلّف «سيلتقي ممثلين عن القوى التي لم تكلفه وهذا امر جيد، اذا صح».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان فريق حركة «امل» و»حزب الله» سيشارك في الحكومة المقبلة اذا اصرّ «المستقبل» و»الاشتراكي» و»القوات» على عدم الانضمام اليها، يجيب بري: «نعم سنشارك.. اين المشكلة؟».
وقيل له: الا تخشى عندها من ان تُصبغ الحكومة باللون السياسي الواحد، وان تصبح حكومة مواجهة؟ يسارع بري الى الرد قائلاً: «لا مبرّر لتصنيف الحكومة على هذا النحو، لأن لا نحن ولا الرئيس المكلّف في صدد اقصاء الآخرين، بل إننا نتمسّك بهم، واكاد اقول غصباً عنهم، لأنّ المرحلة تتطلب مساهمة الجميع في مواجهة تحدّياتها واجتراح الحلول المطلوبة لها، لكن هم الذين يرفضون الشراكة في تحمّل المسؤولية».