استعادت زيارة الرئيس نبيه بري لبلجيكا سياقها بعد مساء لبناني طويل الاربعاء، بدأ بتهويل بتوقف الحوار السنّي والشيعي، وانتهى بتسوية عبرت القارة العجوز كي تصل الى عين التينة، فيجتمع ثلث المحاور السنّي بثلث المحاور الشيعي
بروكسل | رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري “أننا أقرب من أي وقت مضى الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني كالعادة. لا غالب ولا مغلوب”. وأكّد أن “الحوار الوطني مستمر، كما الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله الذي تمكن من خفض سقف التوترات وإجهاض الفتنة المذهبية”.
وأمضى بري، في اليوم الثالث من زيارته لبروكسل، يوماً طويلاً في مجلس النواب البلجيكي، وأعاد أمام محاوريه تأكيد ثوابت أربع:
1 ـــــ لا حل في سوريا سوى الحل السياسي الذي يتقدم على التفكير الأوروبي في قصر المشكلة على المساعدات الإنسانية لمعالجة أزمة النازحين الذين يشكّلون مصدر أزمة قلق دول القارة.
2 ــــ للمساعدات الإنسانية أهمية أساسية في المعالجة الآنية ريثما ينجز الحل السياسي. لكن لبنان يفضّل إضفاء طابع استثماري عليها، وأن تدخل في سياق إطلاق مشاريع لا تحمّل خزينة الدول الأوروبية أعباء مقدار ما تنعكس إيجاباً عليها وعلى لبنان، وتكون قادرة على إيجاد آلية إدارة النزوح السوري ريثما يعود النازحون. فحوى ما عناه أن لا يُبصر الى المساعدات والهبات على أنها توطئة لـ”تبليع” لبنان توطين النازحين، بل توفير فرص تشغيلهم على طريق الوصول الى حل سياسي يعيدهم قريباً الى بلادهم.
3 ــــ لم يمنح مؤتمر لندن مطلع هذا الشهر لبنان ما يتوخاه، وبدا أنه استجاب لحاجات الأردن وتركيا التي لم تكتف منه بملياري دولار تحت طائلة فتح “حنفية” النزوح السوري إلى القارة الأوروبية الجارة. تبعاً لذلك، يبدو لبنان الأكثر إلحاحاً على الحصول على مساعدات تمكّنه من تحمّل وزر النزوح، لا استيعابه على نحو ما سمعه بري من نواب أوروبيين يحبذون إبقاء النازحين في أماكن استقبالهم.
4 ــــ حاز بري تأييداً من محاوريه على استمرار دعم بلجيكا وجودها في القوة الدولية في الجنوب، كذلك دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً حيال نزع الألغام، ونال وعوداً بدعم تسليح الجيش في مواجهته الإرهاب.
نحن أقرب إلى إنجاز الاستحقاق على قاعدة لا غالب ولا مغلوب
والتقى رئيس المجلس نظيره البلجيكي سيغريد براك الذي أكّد “أن دور لبنان في الشرق الأوسط مهم، وخصوصاً لأنه يشكل نموذجاً للتعايش بين الطوائف”.
وفي لقاء مع السفراء العرب المعتمدين في بروكسل، شدّد بري على “أن الحوار السعودي ــــ الإيراني لا بد منه، وهو مفتاح الحل في المنطقة”. وأضاف: “أصبح جلوس العرب الى طاولة واحدة أمراً نادراً. وما دمنا متفرقين، فإن مصيرنا سيكون أسوأ. ولمَن لا يعلم، فإن سايكس ــــ بيكو انتهى وأصبح الخطر يطاول الجميع”.
وفي كلمة في احتفال أقامته الجالية اللبنانية، أكّد رئيس المجلس “أننا أقرب من أي وقت مضى الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني كالعادة. لا غالب ولا مغلوب”، ولفت الى أن “الحوار الوطني بين المكونات الوطنية وممثليها مستمر، ويشكل ضمان وحدة لبنان ارضا وشعبا ومؤسسات، كما الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله الذي تمكن من خفض سقف التوترات واجهاض كل نوازع الفتنة المذهبية، وقد جرى فيه تطوير نقاط الالتقاء وتضييق الهوة حول نقاط الاختلاف ضمن الدين الواحد، واكد ان في امكان اللبنانيين ادارة اتفاقاتهم واختلافاتهم، وحفظ الوطن حديقة باردة للاختلافات الاقليمية مهما عصفت رياح الاختلافات الاقليمية”.
واضاف: “رغم التوترات السياسية التي عكست نفسها سلبا على ادوار مجلس النواب، الا انه تمكن من اصدار تشريعات اكدت ان لبنان حريص على سمعة اسواقه المالية ونظافة اليد ماليا، وانه ليس موقعا لتبييض المال السياسي والتجاري، ولا المتصل بالممنوعات او الارهاب، وان السوق المالية والمصرفية اللبنانية لا تزال الاكثر قوة وخبرة وفاعلية في الشرق الاوسط (…) القطاع المصرفي في لبنان هدف اساسي للارهاب الدولي، وان لبنان قاوم منذ سبعة عقود محاولات تفكيك قوة سوقه المالية وخبرته المصرفية والثقة الدولية بقطاعاته، وهو اليوم سينتصر على محاولة تشويهه”.