IMLebanon

برّي: لن أُسمِع… إلى أن أَسمَع

مذ انفجرت الأزمة الحكومية قبل أكثر من شهر، ووصف اشتباكها بـ»الأسوأ على الإطلاق شهدته حكومة»، نأى الرئيس نبيه بري بنفسه عن أي تحرّك بعدما أغضبه انتقال السجال من خلاف على الصلاحيات إلى الطعن في شرعية البرلمان

يصمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أذنيه عن أي سؤال يُوجّه إليه عن مآل حكومة الرئيس تمام سلام والجهود المبذولة لمعاودتها اجتماعاتها. لا يصغي أيضاً إلى أي سؤال عن احتمال اضطلاعه بأي مبادرة أو تحرّك لإخراج البلاد من مأزق شلّ مؤسساتها الدستورية. لا يتردد في القول حتى: «لن أُسمِع إلى أن أسمَع».

يضيف: «لن أتكلم ولن أعلّق إلى أن أسمع وأرى أنني لم أعد غير شرعي. ما دام البعض يعتبر مجلس النواب غير شرعي، فلست مستعداً لأسمع أياً يكن».

يعكس رئيس المجلس بذلك استمرار امتعاضه من المواقف الأخيرة لتكتل التغيير والإصلاح، إذ وصف البرلمان بأنه غير شرعي، متشبثاً بتعطيل عمل السلطتين الإجرائية والاشتراعية. مذ ذاك يشير بري إلى انقطاعه عن استقبال أي بحث في مبادرة أو تفاهم أو حلول ما دامت المؤسسة المعنية بها تنعت بما قيل فيها.

يسارع إلى القول: «عندما يتصرّف لبنانيون على هذا النحو، يعطلون دورة نظامه وعمل مؤسساته ويضرّون به، لا حاجة للبنان حتماً إلى أعدائه».

يُركّز في أحاديثه أمام زواره في عين التينة على المعطيات الآتية:

1 ــ تمسكه بمرسوم العقد الاستثنائي لمجلس النواب وإن في المدة الباقية، الفاصلة عن العقد العادي الثاني في 20 تشرين الأول المقبل، ويرى أن الوقت لا يزال متاحاً لاجتماع المجلس وإقرار مشاريع عالقة في جدول الأعمال. يعزو إصراره على العقد الاستثنائي إلى «مسألة مبدئية»، هي أنّ على المجلس أن يلتئم عندما يتعيّن عليه استكمال أعماله في عقد عادي، أو في عقد استثنائي هو مسؤولية واجبة على السلطة الإجرائية. يصرّ على وجهة نظره بأن إصدار مرسوم العقد الاستثنائي لا يحتاج إلى توقيع الوزراء الـ24، بل إلى الأكثرية المطلقة منهم فحسب، لأن المادة 33 من الدستور تلزم رئيس الجمهورية إصدار مرسوم العقد الاستثنائي إذا طلبت الأكثرية المطلقة من النواب، ناهيك بأن الاتفاق على وضع المرسوم مسؤولية مشتركة بين رئيسي الجمهورية والحكومة.

بري: عندما يتصرّف لبنانيون على هذا النحو، لا حاجة للبنان إلى أعدائه

2 ــ تيقنه من أن صدور مرسوم العقد الاستثنائي ليس كافياً لالتئام الهيئة العامة. يقول بري: «مررنا في عقد عادي بين آذار وأيار ولمست أن هناك مقاطعة مكونات أساسية للجلسات، فلم أدعُ إلى أيٍّ منها. من حق مَن يريد أن يتغيّب أن يفعل، وهو حق ديموقراطي. لكن ليس لمَن يعد بأنه سيحضر أن يتغيب ويطيح تعهداته. ثمة مَن قال إنه لا يريد أن يحضر، وهو حقه. لكن ماذا عن الآخرين الذين جزموا لي بالحضور ثم أخلوا؟ حصل ذلك أكثر من مرة لأكثر من جلسة. قالوا سيحضرون ويصوّتون ضد. هذا حقهم أيضاً. لكن ليس الإخلال بما يتعهدون».

يلاحظ كذلك أن الواقع لا يزال إياه في عقد استثنائي أو عادي: ما لم تشارك الكتل جميعاً لن ينعقد المجلس. بيد أن ذلك لا يحجب، في رأيه، ضرورة صدور مرسوم العقد الاستثنائي ما دام توقيعه يكتفي بالأكثرية المطلقة ليس إلا.

3 ــ يستغرب إصرار البعض على المضي في الاجتهاد في الدستور، في معرض تعطيل أعمال مجلس الوزراء ومجلس النواب. يقول: «الدستور يحكي عن وجود رئيس الجمهورية. لكن الشغور لا يجعل من كل وزير رئيساً للجمهورية. بل مجلس الوزراء مجتمعاً بأعضائه هو رئيس الجمهورية. ليس لاحد أن يتلاعب بالدستور ويشله، ولا بالقانون، ولا يفصّل الصلاحيات على القياس، ولا يحدد لمجلس النواب جدول أعماله. لم يعد اسم هذا القانون، بل «الكانون». آلية عمل مجلس الوزراء معروفة. القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء تخضع لأحكام المادة 65. حيث تحتاج إلى الثلثين تكون، وحيث تحتاج إلى النصف +1 تكون. أما المراسيم العادية التي يصدرها رئيس الجمهورية خارج مجلس الوزراء، فتتطلب توقيع الوزراء جميعاً، لأن ليس للرئيس هنا حق ردها وطلب إعادة النظر فيها. طبعاً، وبالتأكيد، لا تنطبق هذه الحال على إصدار مرسوم العقد الاستثنائي، لأن الدستور يلزم رئيس الجمهورية ومعه رئيس الحكومة الامتثال لمشيئة الأكثرية المطلقة من مجلس النواب إذا طلبت فتح عقد استثنائي. لا يستمد مجلس النواب شرعيته من أي أحد، بل هو الذي يمنح سواه الشرعية. منه تنبثق السلطات الدستورية الأخرى. في مجلس النواب يُنتخب رئيس الجمهورية، ويُسمّى رئيس مجلس الوزراء، وتمثل الحكومة لنيل ثقته قبل مباشرتها مسؤولياتها. هي مسؤولة عندما تقف امامه».

يضيف: «هؤلاء الذين يريدون الاجتهاد في الدستور والقوانين وخلق أعراف جديدة، أقول لهم لن يحصل ذلك مع نبيه بري».