Site icon IMLebanon

بري في لوحة «الموناليزا» يُفرّح الحلفاء ويُطمئن الأخصام ولا يُبّدد قلقهم

لا يزال لبنان يعيش تداعيات التوترات الإقليمية الموزعة بين الأزمة السورية وعملية «عاصفة الحزم» المستمرة في ظل مواجهة سعودية – إيرانية مباشرة على مدى الإقليم العربي، لكن دون ان تتجاوز انعكاسات هذه المواجهة على الواقع في اطار المواقف السياسية الحادة بين كل من رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري وبين امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على ما حصل مؤخراً، لكن السقف العالي لهذه المواجهات لن يوصل البلاد الى مأزق في مقابل إقرار كافة القوى السياسية بعدم تفجير حالة التطبيع السياسي والتعايش الحكومي القائم حتى حينه، اذ من جانب قوى 14 اذار تجد ان الحفاظ على الهدوء خطوة ناجحة ومفيدة اقتصاديا حتى انجلاء ترددات الصراعات الإقليمية وتأثيرها على الملف الرئاسي عند لحظة التفاهم الدولي – الإقليمي كما في محطات سابقة، في حين يحرص حزب الله على هذا الاستقرار وسيحافظ عليه بعد ان تعدل لديه عسكريا «مداه الحيوي والاستراتيجي» اثر نشوب الأزمة السورية، اذ بعد ان كانت سوريا تشكل هذا المدى الخلفي له على مدى سنوات عديدة اضحى لبنان حاليا هو هذا المدى الآمن بالنسبة اليه بعد قتال قوات الحزب الى جانب الرئيس السوري بشار الاسد ولذلك فان الاستقرار بات غاية مشتركة لجانبي المواجهة اللذين جمعتهما الحكومة على قاعدة ربط النزاع الدائم حول المواضيع الخلافية، ويجمعهما حاليا رئيس مجلس النواب نبيه بري تحت «قبة» عين التينة.

وقد بدا من خلال سلسلة المواقف للرئيس بري وتمسك كل من تيار المستقبل وحزب الله بالاستقرار بان البلاد لا ولن تنزلق نحو الانفجار السياسي على خلفية ما شهدته من كلام حاد وعالي السقف مؤخراً حسب أوساط محيطة بالرئيس بري وذلك لا يعدو فقط من كونه ذات طبيعة متفائلة بل لأن جلسة الحوار المقبلة تحدد موعدها في الحادي عشر من الشهر الحالي وهو عامل يرفع من التفاؤل عدا ان المناخ المتوتر الذي يسبق الجلسات احيانا يتراجع بعد انعقادها كما تدل الوقائع والرغبات ،الا ان السجال السياسي -الاعلامي ليس يوميا بل عند محطات ذات صلة بالاحداث خلافا لما كان الامر قبيل مرحلة الحوار.

وان كان الرئيس بري بات الى حد بعيد يقارب لوحة «الموناليزا» بوجهيها الا ان فرقاء الحوار كما غيرهم يرون فيها الوجهين المبتسمين لعدم الرغبة في نسف دوره ولحاجتهم اليه، فهو الذي تتقبل ملاحظاته ومواقفه وانتقاداته كافة القوى تضيف الاوساط، كالحليفة القلقة من موقفه ومرونته كقوله ان «عاصفة الحزم» لا تؤثر على لبنان ويحدد موعد لجلسة الحوار، ام من خلال استقباله السفير السعودي علي عواض عسيري بعد مواقف السيد نصرالله من السعودية، وكذلك هو الحال بالنسبة الى قوى 14 اذار و«تيار المستقبل» التي تتقبل حدة انتقاداته لها من موقعه السياسي في محور الممانعة المتخاصمة معه، لكنه يبقى بالنسبة لها عراب الحوار وجامع القوى المتناقضة تحت سقف المؤسسات.

ويشكل دور بري والرغبة السياسية لكافة الفرقاء عملية تكامل لمنع تفاقم الخلاف وتجاوزه سقف التسليم المتبادل للقوى به، اذ ان مواقف قوى 8 اذار من رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة حول ما قاله امام المحكمة الدولية وكذلك سقف المواقف لدى حزب الله التي تلت خطاب رئيس الحكومة تمام سلام في شرم الشيخ جزء من دلالات واضحة بان لا رغبة بدفع الأمور نحو التفاقم وقطع التواصل ونسف الحكومة.

وهذه الحاجة المشتركة لكل من المستقبل وحزب الله حسب أوساط سياسية هي التي سترخي بثقلها على ملف التعيينات الامنية والتي كان للرئيس بري موقف لافت حيالها بحيث يأتي على غرار «الموناليزا» بوجهها المبتسم اذ هو «….يميل نحو التعيينات الامنية والعسكرية لانه لا بد من ذلك… لكن اذا تعذر ذلك لا بد ايضا من التمديد لهم ..» اذ قال بري عن الموقف من تعيين أصيلين بدل القادة العسكريين التي تنتهي مدة خدمتهم القانونية «هذا صحيح. أنا مع التعيين بدل التمديد، وأنا قلت لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي العماد ميشال عون أنني مع التعيين وهذا يتطلب الاتفاق على الأسماء، لكني قلت له أيضاً أني لست مع الفراغ إذا لم يحصل اتفاق. لقد عينّا هيئة الرقابة على المصارف لأنه ليس هناك آلية قانونية للتمديد لأعضائها وإلا كنا سنلجأ إلى تولي حاكم مصرف لبنان صلاحيات الهيئة وهذا مسيء لسمعة البلد المصرفية، كما أن لا آلية لتمديد خدمة الأمين العام لمجلس الوزراء. المهم ألا يحصل فراغ».

ولذلك تقول الاوساط السياسية بانه مفترض التعاطي مع مطلب العماد عون بتعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائدا للجيش بان الوقت لا يزال باكرا على هذا الموضوع لكون ولاية قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي تنتهي في 21 أيلول. ثانيا ان تعذر تعيين روكز سيدفع حكما للتمديد لقهوجي لكن هذه الخطوة لن تؤدي الى تطيير الحكومة من جانب العماد عون استنادا الى مسار حزب الله وتفاعله ايجابا مع عدة ملفات ساخنة ولذلك فان الامر لن يتخطى اكثر من مقاطعة وزراء التيار الوطني الحر للحكومة لجلسات معدودة لكون حزب الله الذي يعي حجم المواجهة في منطقة القلمون في مقابل الإرهابيين يقدر في الوقت ذاته التداعيات السلبية على جيش مقاتل في ظل غياب قائده الذي يرافقه ميدانيا ولذلك فان حزب الله الذي لا يقارب هذا الملف حاليا يفضل فيما خص حصرا المؤسسة العسكرية عدم انسحاب الفراغ الى رأسها لا سيما ان الفراغ الرئاسي سيبقى مفتوحا لارتباطه بمصير المحطة المقبلة للحوار النووي في حزيران.