IMLebanon

ماذا بعد إفشال مبادرة بري؟

 

 

من يتابع حرب البيانات والردود المتبادلة بين فريقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، أو حرب التيارين “الأزرق” و”البرتقالي”، يُدرك تماماً أن المبادرة الأخيرة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري قد انتهت أو أفشلت، وبالتالي بات السؤال البديهي: ماذا بعد؟

 

منذ أيام، وبعد انطلاق مبادرة بري، سألت نائبه إيلي الفرزلي عما لديه من توقعات لمسار الأمور فأجاب مردّداً مقولة بري الشهيرة “ما تقول فول تيصير بالمكيول”. وأردف بأن الرهان على هذه المبادرة لحل الأزمة الحكومية المستعصية، لافتاً إلى أنه إذا لم يتجاوب المعنيون مع هذه الفرصة يكونون قد إرتكبوا خطأً إستراتيجياً قاتلاً، فهناك من يسوق لاستخدام الإحتياطي الموجود لدى مصرف لبنان بهدف تمويل مرحلة الفراغ القادم. كلام الفرزلي يحمل في طياته توقعاً لما هو قادم من الفراغ، ويتقاطع مع توقعات لمصادر مختلفة سبق وتحدثت لـ”نداء الوطن” عن أنه لا حكومة ولا إنتخابات نيابية ولا رئاسية مقبلة.

 

وعن التلويح باعتذار الرئيس المكلف وبالإستقالة الجماعية لنواب كل من “المستقبل” و”لبنان القوي” و”القوات”، وهل هذا السيناريو يؤدي إلى إنتخابات نيابية مبكرة وإيجاد مخارج وحلول؟ تنفي مصادر في كتلة “المستقبل” لـ”نداء الوطن” نفياً قاطعاً وجود طرح كهذا لديها أو حتى اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري.

 

وتلتقي مع هذا النفي، مصادر من كتل وقوى أخرى، خصوصا لجهة الحسم بأن الرئيس المكلف لن يعتذر، وتضع الحديث أو طرح الإستقالات النيابية في خانة محاكاة الشارع ليس أكثر، متسائلة عما إذا كانت القوى التي ترفع هذا الشعار جاهزة للإنتخابات؟ وهل أن ظروف البلد تسمح الآن بخطوة كهذه؟ تتقاطع المصادر حول أن مبادرة بري قد انتهت عملياً، ولكنها تجزم بأنه في لبنان وطالما هناك مشكلة قائمة فلا شيء اسمه المحاولة الأخيرة بل ستبقى هناك مبادرات وتفتيش عن مخارج وحلول.

 

ويذهب البعض إلى القول إن كلا طرفي الخلاف لا يريد حكومة الآن سيما وأنهما يتصرّفان على قاعدة حل كل المشاكل الخاصة من خلال الحكومة، فالرئيس المكلف يريد حل مشاكله مع شارعه ومع دول الخليج والتحضير للإنتخابات النيابية المقبلة وغير ذلك من مشاكله الخاصة عبر الحكومة.

 

ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يريد أيضا حل مشكلة العقوبات والتحضير للإنتخابات النيابية المقبلة والتمهيد لطموحه الرئاسي من خلال الحكومة.

 

هذه القراءة تقود إلى أن لا مصلحة لكلا الطرفين بتشكيل الحكومة التي سيكون أمامها معضلات بحاجة إلى قرارات صعبة وجريئة لإنقاذ ما تبقى من لبنان.

 

كذلك فإن المخاض في المنطقة والمحيط ليس بعيداً من هذا التوجه، فنحن نعيش مخاضاً جديداً لرسم مرحلة جديدة في المنطقة من خلال خريطة الطريق التي يحملها الرئيس الأميركي جو بايدن بالتقاطع مع القوى الكبرى الدولية والإقليمية الأخرى.

 

فهناك الروسي والصيني والأمبراطوريتان العثمانية والفارسية، فالتاريخ يحتاج إلى قراءة هادئة، هناك محطات جذرية ومفصلية ينتج عنها نظام جديد وبالتالي فإن لبنان سيبقى على ما يبدو على رصيف الإنتظار لأنه وفق توصيف مصدر سياسي متابع، هو “سمك البزرة وسط صراع الحيتان”.

 

فهل يتجرّأ المسؤولون ويصارحون الناس بحقيقة ما هو خلف الستار، أم أنهم سيواصلون تقطيع الوقت حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً؟