IMLebanon

لا اعتذار طالما مبادرة بري على قيد الحياة

 

مؤتمر باريس لإبقاء الجيش متماسكاً

 

بعد تفجر الخلاف بشكل غير مسبوق بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، توازياً مع اشتداد الحملات الإعلامية بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، بدت الأبواب موصدة أمام أي خرق في جدار أزمة تشكيل الحكومة، فيما لم يسقط الرئيس المكلف سعد الحريري خيار الاعتذار من حساباته، وإن لم يحن أوانه لغاية الآن، بعد جرعة الدعم القوية التي تلقاها من رئيس البرلمان، في وقت أبدت مصادر سياسية خشيتها من تعمق الانقسام الطائفي في البلد، وانزلاق الوضع إلى مرحلة شديدة الخطورة، في ظل تبادل الاتهامات بالتعطيل بين العهد وخصومه. وقد ظهر بوضوح مدى ما خلفه هذا الانقسام من أجواء احتقان طائفية، في الأيام الماضية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ما ينذر بدخول البلد مرحلة شديدة الخطورة، مع وصول عملية تأليف الحكومة إلى طريق مسدود، بعدما انكسرت الجرة بين «بعبدا» و«عين التينة»، في حين  يؤكد المقربون من الرئيس المكلف أن «اعتذاره مصادر مرهون بمصير بمبادرة الرئيس بري التي لا زالت على الطاولة، وعندما يعلن رئيس المجلس تخليه عنها، فلكل حادث حديث».

 

وقد أكدت لـ «اللواء» مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير»، أن «مبادرة رئيس المجلس لا زالت خياراً صالحاً لحل المأزق الحكومي، وهذا ما يفرض على فريق العهد التعامل معها بإيجابية، وليس بإطلاق النار عليها، لأن ذلك سيعقد الأمور ويأخذ البلد إلى مناخات متشددة لا مصلحة لأحد في تعميمها، في ظل الظروف الضاغطة التي يرزح تحتها اللبنانيون، حيث تتهددهم المجاعة على نحو ينذر بسقوط البلد في هاوية سحيقة، إذا لم يتعظ المعطلون الذي يضعون مصالحهم قبل مصلحة المواطنين، من مشاهد الإذلال اليومي التي يعانيها اللبنانيون أمام محطات المحروقات والصيدليات والأفران، وسط الارتفاع غير المسبوق للدولار الأميركي الذي أصبح على أبواب الـ16 ألف ليرة، مع توقعات بوصوله إلى العشرين ألفاً، إذا لم تشكل حكومة تضع في مقدم برنامجها إعداد خطة اقتصادية تنقذ اللبنانيين من الانهيار».

 

وتنظر أوساط سياسية بعين القلق الشديد على مصير المؤسسة العسكرية بعد الذي أصابها، جراء الصعوبات المالية والتموينية التي تعانيها للمرة الأولى في تاريخها، وهو ما أشار إليه قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي حذر بكل وضوح من عواقب وخيمة ستصيب الجيش إذا استمر الانهيار الاقتصادي. وهذا ما دفع الفرنسيين إلى تنظيم مؤتمر داعم للجيش، لتأمين حاجياته الضرورية لإبقائه على قيد الحياة، باعتباره الحصن الأخير لبقاء لبنان واقفاً على قدميه، بعد انهيار الثقة بالطبقة السياسية التي أمعنت في تخريب المؤسسات وتحطيم ما تبقى من مؤسسات . وبالتالي فإن هناك مخاوف جدية على وحدة الجيش كما تقول الأوساط، إذا تواصل التدهور في القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، بحيث أن رواتب الضباط والعسكريين قد فقدت الكثير من قيمتها، الأمر الذي يخشى معه أن يتسبب هذا الوضع بحملات فرار من الجيش، وهو أمر بالغ الخطورة على كافة المستويات، ولا يمكن التكهن بتداعياته المستقبلية على المؤسسة والسلم الأهلي في البلد.

 

وإزاء ما تعانيه المؤسسة العسكرية من صعوبات على مختلف الأصعدة، فإنه يتوقع أن تبادر الدول التي شاركت في مؤتمر باريس إلى تنفيذ تعهداتها، بتقديم المساعدات التي يحتاجها الجيش في المرحلة المقبلة، حيث أن قرار المجتمعين واضح بتوفير كل الدعم المطلوب للمؤسسة العسكرية، بعدما شرح العماد عون حقيقة الظروف التي يمر بها الجيش، وما طبيعة المساعدات التي يحتاجها في مواجهة الظروف الصعبة التي جعلته في وضع شديد التعقيد، حيث لم يعد الجندي اللبناني قادراً على الاستجابة لمتطلبات الحياة اليومية، مع انهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، دون أي معالجات جدية من جانب حكومة تصريف الأعمال العاجزة عن القيام بأدنى واجباتها، توازياً مع قرار مصرف لبنان برفع الدعم الذي يبدو أنه بدأ بتطبيقه بشكل غير معلن.

 

وفي الوقت الذي لفت التباعد في المواقف بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، وتأتي في هذا الإطار رسالة النائب «العوني» السابق نبيل نقولا إلى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، لا يخفي المراقبون توقعهم لاتساع الشرخ أكثر فأكثر بين الفريقين في المرحلة المقبلة، وسط حديث عن أن «التيار الوطني الحر» سيرفع الصوت بوجه «حزب الله»، بعد فشل مبادرة الرئيس نبيه بري، في سياق انتقاد أداء حزب الله في المرحلة الأخيرة. وإذا كان «حزب الله»، قد أبدى استياءه  من حملة «العوني» على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأنه أبلغ «الوطني الحر»، أنه إذا استمر على موقفه في الموضوع الحكومي، فإنه قد يضطر إلى اتخاذ موقف صريح من هذا الملف، إلا أن هناك من يعتقد أن كل ما يحكى عن خلافات بين الحزب والتيار، ما هي إلا توزيع أدوار ليس إلا، لأن كل من الطرفين بحاجة إلى بعضهما البعض. وكل منهما يستفيد من الآخر. وبرأي الذين يتبنون وجهة النظر هذه، أنه لو أراد «حزب الله» تشكيل الحكومة لكان طلب من حليفه «العوني» تجاوز شروطه، وولدت الحكومة قبل أشهر.