يمرّ لبنان بأيام قد تعتبر مفصلية، بحيث ثمة معلومات تشير إلى أن ما يجري في الكواليس السياسية يشي بأيام صعبة، إن على صعيد الوضع السياسي والإقتصادي، وصولاً إلى الإستحقاق الرئاسي الذي لا زال ضبابياً، وعلم أن التشاور بين عين التينة والسراي مستمر، في ظل أجواء عن لقاء قد يعقد في الساعات المقبلة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، لتقويم ما جرى في الآونة الأخيرة، لا سيما بعدما تعمّد بري بوصف اللقاء الأخير في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون وميقاتي بالأسوأ، للتدليل على الصراع بين بعبدا وعين التينة، وما يحمل الكشف عما دار بين عون وميقاتي من دلالات، لذلك فإن التنسيق بين عين التينة والسراي الحكومي مستمر، بعدما أصبح أيضاً ثلاثياً من خلال زيارة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط أيضاً عين التينة، بسبب وجود والده رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط في الخارج، إضافة إلى الزيارة التي قام بها سيد المختارة إلى فردان، ودعمه للدور الذي يضطلع به ميقاتي في هذه المرحلة.
وفي هذا السياق، ثمة تساؤلات حول غياب المكوّن السنّي الأكثر تمثيلاً عن هذه الجبهة غير المعلنة، ومن الطبيعي ذلك يعود إلى تعليق الرئيس سعد الحريري لمسيرته السياسية، والتفكّك الذي أصاب «نادي رؤساء الحكومات السابقين»، ولكن في المقابل، ثمة غطاء ودعم واضحين من دار الفتوى لميقاتي، إن على صعيد مواجهته الدستورية والسياسية مع العهد و»التيار الوطني الحر»، وصولاً إلى ما يمثّل من علاقات في الداخل والخارج، وبفعل إنكفاء «تيار المستقبل» ورئيسه، يبقيه مرجعية سنّية قادرة على المواجهة وعدم التنازل عن صلاحيات رئاسة الحكومة ومسلّمات دار الفتوى، أو على الصعيد الوطني العام.
من هنا، يتوقّع خلال الأيام القليلة المقبلة، أن تتوضح ماهية هذا التحالف، وإلى أين سيصل؟ وما إذا كان هناك من مرشح معين لهذه القوى؟ أم أن ذلك يقتصر على تصفية الحسابات مع عون وتياره؟ هنا، تؤكد المصادر المتابعة لهذا الحراك، بأن ما يجري اليوم، هو السعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في الموعد الدستوري المحدّد وتجنّب الفراغ الرئاسي، وأي سيناريو يشبه حقبة الثمانينات، إضافة إلى التوافق بين هذه القوى على المواصفات المطلوبة لأي مرشح رئاسي، والتي كان قد أعلنها بري في احتفال صور في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، وحيث حظيت بدعم من بكركي ومرجعيات مسيحية وسنّية، ومن ضمنها دار الفتوى، يشكل منطلقاً للتلاقي بين هذه المكوّنات، حيث ينقل بأن التواصل مع بكركي مستمر من هذه الأطراف، وقد تتوسّع مروحة الإتصالات واللقاءات في الأيام القادمة.
وبمعنى أوضح، تقول المصادر ان هناك سعي مشترك لتدارك، ليس الفراغ الرئاسي فحسب، بل ما يمكن أن يحصل في البلد من صراعات ونزاعات وفوضى على خلفية الإنهيار الإقتصادي وصعوبة تأمين دعم القطاعات السياسية، وتحديداً الصحية والتربوية إلى المحروقات، الأمر الذي دفع ميقاتي، في ظل تشاوره مع بري وجنبلاط، إلى إمكانية القبول بالهبة الإيرانية لتأمين المحروقات لمعامل توليد الطاقة، وهذا ما سيتبلور في وقت ليس ببعيد في ضوء الإتصالات التي يقوم بها الرئيس المكلّف مع الجهات الغربية والعربية تجنباً لأي ردات فعل، البلد في غنى عنها في ما يمرّ به من ظروف قاسية.