يتحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري على إيقاع الوقت الضائع على المسارين الاقليمي والدولي، كقائد أوركسترا وضابط لإيقاع المتحاورين، ثنائياً في عين التينة، وجَماعياً في ساحة النجمة، والقاسم المشترك على الجبهتين يكمن في النجاح في ملء الوقت، والعجز عن تحقيق خرق على صعيد الملفات المطروحة.
يطل الاسبوع حافلاً بالحوارات في عين التينة التي تستضيف غدا الثلثاء جولة جديدة من الحوار الثنائي بين “حزب الله” وتيار “المستقبل”، وفي ساحة النجمة التي تجمع ممثلي الكتل النيابية حول طاولة البرلمان، فيما السرايا كسولة حيث تغيب جلسة مجلس الوزراء عن الانعقاد ( كما اشارت “النهار” قبل يومين)، بفعل غياب التفاهم على مقاربة ملف ترقية الضباط الذي لا يزال يراوح في دائرة التعقيد، ويعطل اجتماع الحكومة، وليس في الافق، وفق زوار رئيس الحكومة تمام سلام، ما يشي بحلحلة قريبة لهذا الملف أو لمسألة آلية العمل الحكومي التي يتلطى خلفها وزراء “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لمنع انعقاد مجلس الوزراء. بينما يتريث سلام في توجيه الدعوة الى جلسة أو في إعلان أي موقف من موضوع التعطيل، مفسحاً في المجال أمام المتحاورين في ساحة النجمة لمقاربة الوضع الحكومي المطروح اساسا في جدول الاعمال، وذلك انطلاقا من اقتناع رئيس الحكومة بأن حل الامور السياسية يكون حول طاولة الحوار وليس داخل مجلس الوزراء الذي يفترض ان يخصص لتسيير شؤون الناس والبلاد. ولا يخفي سلام أمام زواره انزعاجه من استمرار التعطيل والفشل في مقاربة الملفات ولا سيما في ملف النفايات، محذرا من أخطار ذهاب البلاد نحو الانهيار إذا لم تتلقف القوى السياسية الوضع وتتحمل مسؤولياتها.
ولم يخف سلام أمام “النهار” تريثه في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء كاشفا حرصه على التنسيق التام في هذه المرحلة مع الرئيس بري الذي لا يألو جهدا لدعم الحكومة وتفعيلها. ولفت إلى أن الوقت قد يكون ضيقاً امام إمكان عقد جلسة لاضطراره الى السفر إلى نيويورك لإلقاء كلمة لبنان امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لكنه لم يخف استعداده لعقد جلسة إذا ظهرت حاجة الى ذلك خصوصاً في ملف النفايات.
وفي عين التينة، تفخر اوساط قريبة من رئيس المجلس بأن الحوار الثنائي “ماشي” وهناك التزام من طرفيه للاستمرار فيه، سعياً إلى تحقيق بعض النتائج وإن في الحد الادنى، أقله في ما يتصل بتنظيم الخلافات الداخلية وتخفيف تداعيات الملف الاقليمي على الساحة المحلية، كاشفة ان المتحاورين نجحوا في تجاوز مسألة تنفيس الاحتقان وباتوا في مرحلة تقبل الآخر. لكن مراجع “مستقبلية” بارزة لا توافق أوساط بري من هذا التوصيف، مشيرة الى ان أي تقدم لم يسجل بعد على طاولة عين التينة “وليس هناك حتى تنظيم للخلاف”، لافتة الى ان اهمية الحوار الثنائي تكمن في استمرار التواصل والتلاقي.
لا تنفك هذه المراجع تذكر بأساس المشكلة الذي يكمن في إقحام لبنان قسرا في الازمة السورية، وهذه تحولت أخيرا ساحة للحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، مما ينعكس في رأيها تراجعا في الملف اللبناني ومزيدا من الارتباط بين الأزمتين اللبنانية والسورية.
ولا تخفي المراجع قلقها من العواقب الوخيمة المترتبة عن هذا الربط وعن إبقاء المسار اللبناني معلقا بالمسار السوري وما يعنيه ذلك من تأخير في بت الاستحقاق الرئاسي اللبناني، محذرة من أن كل تأخير في إنجاز الاستحقاق يرتب على لبنان انعكاسات خطيرة على كل المستويات السياسية والامنية والاقتصادية في شكل خاص، حيث تسجل كل المؤشرات الاقتصادية تراجعاً.
وإذا كانت طاولة حوار ساحة النجمة تأخذ الملف الرئاسي في سلم أولوياتها، ولن يكون هناك إمكان للانتقال إلى أي بند آخر مدرج في جدول الاعمال قبل بت هذا البند، فإن المراجع تأسف لما آل اليه النقاش في الجولة الاولى في ضوء اقتراح العماد ميشال عون إنشاء هيئة تأسيسية للبحث في التعديلات المطلوبة لإقرار قانون يتيح انتخاب رئيس من الشعب.
وكما في الداخل، يتصدر الملف الرئاسي والوضع اللبناني الهش الاهتمام الدولي.
وعلمت “النهار” ان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سيقوم بزيارة عاجلة وقصيرة لبيروت اليوم يتفقد خلالها احد مخيمات اللاجئين السوريين، ويلتقي رئيس الحكومة تمام سلام. وتأتي زيارة كاميرون قبيل زيارة مماثلة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبيروت نهاية هذا الشهر.