IMLebanon

برّي خسر الرهان على إحداث تغيير في موقف حلفائه من القانون المختلط

تعطيل عمل اللجان المشتركة مؤشر إضافي على الإستمرار في تعطيل المؤسسات

برّي خسر الرهان على إحداث تغيير في موقف حلفائه من القانون المختلط

هل يعتقد المعطِّلون وما يمثِّلون أنهم سيبقون بمنأى عن كل التداعيات المالية والسياسيّة لإستمرار الشغور الرئاسي؟

كما درجت العادة، لم تنعقد أمس جلسة انتخاب رئيس الجمهورية للمرة الثانية والأربعين، بسبب مقاطعة نواب حزب الله والتيار الوطني الحر والمردة، وقد انسحبت عدوى المقاطعة على اجتماع اللجان النيابية المشتركة التي كانت مخصصة للبحث في مشاريع القوانين الانتخابية المشتركة، وهذا دليل إضافي وحاسم على أن المقاطعين لا يريدون للبنان أن يشهد انتخاب رئيس جديد يُعيد انتظام وتفعيل المؤسسات الدستورية بل يريدون الإمعان في هذا السلوك للوصول إلى تعطيل كل المؤسسات الدستورية، ووضع مصير لبنان في المجهول كما حذّر وزير خارجية فرنسا بعد لقاءاته المسؤولين والقيادات السياسية والحزبية، فإلى متى يصمد هذا البلد وقد دقّ أمس وزير المالية الذي ينتمي إلى كتلة الرئيس برّي النيابية ومستشاره السياسي، ناقوس التدهور الاقتصادي والمالي الحاصل وارتفاع مستوى البطالة وغياب الاستثمارات الخارجية، وهل يعتقد المعطّلون أنهم بما يمثّلون سيبقون بمنأى عن كل هذه التداعيات كونها لا تعنيهم بل تصبّ في خانة مشروعهم، أم أن خطتهم لقلب النظام والانقلاب على الدولة، أصبحت جاهزة، أم أنهم لم يتلقّوا بعد التعليمات من أسيادهم في الخارج لتسهيل عملية انتخاب الرئيس والتسريع في انتظام المؤسسات الدستورية، والعودة إلى حضن الدولة.

سمعنا من رئيس الدبلوماسية الفرنسية يتحدث عن لبننة الاستحقاق، والتوقّف عن الرهان على الخارج، وسمعنا منه أيضاً أن أحداً لا يستطيع أن يحلّ محلهم في معالجة مشاكلهم وشؤونهم الداخلية، لكن هذه النصائح لم تساعد في حمل هؤلاء المعطّلين على إعادة النظر فيما هم فاعلون فغابوا أمس عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من دون أن يرفّ لهم جفن، وكأنهم لم يسمعوا النصائح الفرنسية وقبلها الأميركية والروسية والبريطانية، ومعظم دول العالم المتحضّر، بل سمعوها وقرروا أن يمارسوا ضدها لأنهم مسلوبو الإرادة أو أنهم باعوا أنفسهم للخارج المعروف من كل اللبنانيين، وسلّموا مفاتيح الدولة اللبنانية إليه ليتصرّف بها وفق ما يتناسب مع مصالحه وأطماعه التوسعية في المنطقة.

قيل في السابق أن لبنان بات أسيراً للدولة الإيرانية بسبب سلاح حزب الله وهيمنته المحكمة والمطلقة على القرار اللبناني، بالرغم من أن البعض من الساسة ما زال يراهن على أن يغيّر موقفه من خلال الحوار الداخلي، أو وفقاً لما يملكه من معطيات عن احتمال حدوث تحوّلات إقليمية ودولية لا تخدم مصالح هذا الطرف، لكن الوقائع تدلّ على أن احتمالات حدوث أي تغيير يخدم الوفاق الداخلي للخروج من الأزمة باتت من المستحيلات بالنسبة إلى الفريق المعطِّل وأن الأمور سائرة من سيّئ إلى أسوأ وصولاً إلى الانهيار وفرض إعادة تكوين السلطة بما يتناسب مع مشروعه الأساسي الذي لم يتبدّل ولا يبدو أنه قابل للتبدّل بدليل جديد على انتقال عدوى تعطيل جلسات انتخاب الرئيس إلى عدوى تعطيل اجتماعات اللجان النيابية حتى لا تتفق على قانون إنتخابي جديد، وإن كان التعطيل الذي حصل أمس لاجتماع هذه اللجان فاجأ الرئيس نبيه برّي الذي يعوّل كما يقول أكثر من مرجع نيابي على اتفاق بين الأطراف المختلفة على قانون مختلط يجمع بين الأكثري والنسبي لكن رياح المعطّلين لا تلتقي على ما يبدو مع رياح رئيس حركة أمل الذي سبق أن زرع الأمل في النفوس عندما أطلق مبادرته الثالثة في شأن السلّة الواحدة، ولم يُخفِ تفاؤله في أمكانية توصّل اللجان النيابية المشتركة إلى صيغة موحّدة لقانون إنتخابي يقوم على المختلط بين الأكثري والنسبي، يكون أقرب إلى اقتراح القانون المقدّم من ثلاث أكبر كتل نيابية هي المستقبل وجنبلاط والقوات اللبنانية، لكنه اكتشف بعد مقاطعة نواب حزب الله والتيار الوطني الحر لجلسة اللجان أمس، أن تمنياته لا تستثمر في أي حال من الأحوال عند حلفائه، ولا تبدّل من مواقفهم المرتهنة للخارج.

الرئيس برّي بات يُدرك كما تقول مصادره النيابية أن مبادراته انتهت ولا جدوى من استمرارها في ظل إصرار حلفائه حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة على تعطيل المؤسسات الدستورية وصولاً إلى إلغاء الحياة السياسية واستبدالها بالإمرة لي إعتماداً على قوى خارجية ما زالت تمسك بلبنان وتشدّد القبضة على خناقه.