تدرج أوساط ديبلوماسية غربية انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في خانة امكانية اللبنانيين على اتخاذ قرار لصالح بلدهم اذا ما أرادوا ذلك لأن انتخاب الرئيس الجديد جاء نتيجة تفاهم قوى داخلية، كما تبين لها وان كانت «متناقضة السياسة» فيما بينها حول عدة قضايا وملفات بحيث تعود هذه الأوساط بالذاكرة الى التفاهم الانتخابي الذي حصل في العام 2005 في اوج الصراع بين جناحي 8 و 14 آذار للتلاقي على تحالفات انتخابية لا يمكن توقعها يومها ثم كان اعلان بعبدا وكذلك ألأمر فيما خص تشكيل الحكومة التي ترأسها تمام سلام
وفي ما خص انتخاب عون و مدى تحفظ دولتها عليه، تقول الأوساط بأن رئيس جمهورية لبنان أضحى حاليا من ضمن منظومة رؤساء دول المجتمع الدولي واتصالات التهنئة معه جاءت لكونه فاز بعملية ديمقراطية سليمة بعد مرحلة طويلة من الفراغ لم تكن تؤيدها هذه الدول ،ولا سيما فرنسا التي عملت في اتجاه اخراج لبنان من الفراع، ثم أن الحكم «على النوايا» لا يمكن أن يطبق مسبقا على أداء ومواقف رئيس الجمهورية، تتابع ألأوساط، اذ في الاساس ،بدا عون منذ نحو 6 أشهر بأنه يمتلك خطابا جديدا على ما لمست ألأوساط بوضوح وهو تعهد قبيل انتخابه بأنه سيكون رئيسا لكل الفرقاء واللبنانيين وكذلك حمل خطاب قسمه هذه التعهدات، اذ في المنطق ان الانتظار والترقب هما سيدا الموقف لأن الرئيس يحمل خطابا خاصا به ابان حملته الانتخابية وبعد فوزه يطبق منطق التعايش مع الفريق الآخر من اجل نجاح ولايته وكذلك الأخذ بأفكار سياسية ومشاريع اقتصادية لمعارضين له اذا ما كانت متقدمة وتحمل خدمة للبلد ولشعبه على أكثر من صعيد.
ولا يعني تسليم الدول الكبرى بانتخاب عون وتقديم التهاني له بأنهم يتعاطون معه كأمر واقع عملا بالذهنية ألأميركية البراغماتية بل لأن هذا الدعم استند الى خطابه الرئاسي واستعداد هذه الدول للتعاون معه جاء من زاوية كون لبنان عضو في الامم المتحدة عدا أن الاتصالات لم تنقطع بين عون وسفراء هذه الدول قبيل انتخابه تتابع ألأوساط بحيث شكل شبكة اتصالات مع هذه المراجع كانت تعلق احيانا وتأخذ مداها أحيانا أخرى وليس باستطاعة هذه الدول الا التعاطي معه كرئيس شرعي طالما أنه يسلم بالشرعية الدولية وقراراتها، عدا عن تأكيده على احترام الطائف وصيغته التي كان من الممكن الأنقلاب عليها ان يدخل لبنان في دوامة عنف.
وان كانت الاوساط ذاتها تترقب مرحلة تشكيل الحكومة وتوازناتها فلا تستبعد في الوقت ذاته أن يكون شكل ترشيح رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري لعون عنوانا مطمئنا للمرحلة المقبلة بحيث باتا يكملان بعضهما في ابان العهد الجديد استنادا الى تفاهمها المسبق وحرص كل منهما على انعاش البلاد اقتصاديا وتأمين الاستقرار لها ولابنائها .
واذ تبدي الأوساط تساؤلاتها حول مدى معارضة رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري للرئيس عون والحريري ونوعية الطريقة التي ستسلكها، لم تخف ملاحظتها بأن بري بدا غير منسجم مع هذه التركيبة الجديدة على ما دلت مواقفه مؤخرا بحيث سيكون له مواقف متمايزة في المستقبل، لكنه لا يصل الى حد قلب الطاولة حسب ألأوساط العالمة بأسلوبه وادواره الوفاقية وحول حذرها من انحياز عون نحو المحور الايراني وعما سيكون موقفها اذا ما بدا يقدم مصالح هذا الفريق ألأقليمي، تفضل الأوساط عدم الجواب وتقول ان عدة اجتماعات دولية تحصل من اجل تحضير حلول لدول المنطقة التي تشهد ازمات ومن المستبعد ان يقحم عون لبنان في هذا الصراع اكثر مما هو عليه حاليا اثر قرار حزب الله الذي يتواجد عسكريا في مناطق التشابك العسكري وبات شريكا في القتال الذي يتحمل نتائجه.