اين صارت المفاوضات الجارية لانجاز واقرار قانون جديد للانتخابات؟
المعلومات المتوافرة لا تبشّر بالخير، خصوصاً ان النقاشات والمداولات الاخيرة اظهرت ان البعض يعلن شيئاً ويضمر شيئاً آخر. وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يحذر في «لقاء الاربعاء» من المماطلة في التعاطي مع هذا الاستحقاق الاساسي والمحوري.
وتقول المعلومات ان النقاشات التي سجلت في الاسابيع القليلة الماضية تحولت الى «دويخة»، على حدّ تعبير احد المشاركين فيها، وبدلا من تحقيق تقدم باتجاه تعزيز القواسم المشتركة بين الصيغ والاقتراحات المطروحة سجل تراجع لبعض الاطراف عما كانوا توافقوا عليه مع اطراف اخرى، ما يطرح علامات استفهام حول جدية هذه المفاوضات ومصيرها.
وينقل احد زوار عين التينة ان الرئيس بري يكاد يشعر بأنه يندفع لوحده (مفوضاً من حزب الله) في معركة تغيير قانون الستين، لا سيما بعد ان شعر مؤخراً ببرودة همّة الاخرين في العمل لبلورة واقرار قانون جديد.
ورغم ذلك يراهن رئيس المجلس على قلب هذه الصورة، والدفع مجدداً بقوة باتجاه تغيير القانون الحالي. ويؤكد انه لن يسكت او يستكين وسيبقى يسعى بكل جهده من اجل تحقيق هذا التغيير واقرار قانون جديد مبنيّ على النسبية.
ووفقا للمعلومات فان كلام الوزير جبران باسيل الاخير واقتراحه صيغة جديدة مركبة لقانون الانتخابات مع تقليص عدد المجلس الى 108 قد فسّر على انه تراجع عن الاتفاق الذي كان حصل مع الرئيس بري حول صيغة التأهيل على اساس القضاء واعتماد النسبية في المحافظة، وبدلا من ان يذهب باسيل الى «القوات اللبنانية» ويقنعها بهذه الصيغة خرج مؤخراً بطرح صيغة اخرى نقيضة ومعقدة لا يعدو كونها مجرد «اضافة تعقيدية» للمفاوضات الجارية.
وبرأي مصادر سياسية متابعة ان هذا التراجع في موقف التيار الوطني يعزز الاعتقاد بأن تحالفه الانتخابي مع «القوات» اصبح يشكل البديل الجدي للقانون الجديد، وان الطرفين اصبحا مقتنعين باجراء الانتخابات على اساس قانون الستين لان تحالفهما يعوض لهما مكاسب انتخابية توازي او تتجاوز اي قانون جديد.
وفي شأن النقاش حول صيغة القانون المختلط تقول المعلومات ان اقتراح الرئيس بري بانتخاب 64 نائباً وفق النظام الاكثري و64 آخرين وفق النسبي لم يحظ بموافقة العديد من الاطراف، وبالتالي بقي الجدل يدور في حلقة مفرغة.
وتضيف المعلومات ان اية صيغة جديدة لم تطرح على بساط البحث، وهذا ما جعل الرئيس بري متشائماً في لقاء الاربعاء النيابي، حتى انه ابدى مخاوف جدية من ان تؤدي هذه المماطلة والمراوحة الى تكريس الابقاء على الستين.
وما يعزز هذه المخاوف هو ان معاينة المواقف الحقيقية من قانون الانتخابات تظهر ان هناك اكثرية تؤيد بقاء الستين ولا تحبذ اية صيغة من الصيغ المطروحة للنقاش.
وفي هذا المعاينة يبرز جلياًّ موقف النائب وليد جنبلاط المنحاز اصلا للقانون الحالي على الرغم من موافقته على صيغة القانون المختلط الذي اقترحته القوات اللبنانية بالتنسيق مع تيار المستقبل، والذي يؤدي النتيجة نفسها او الغرض الانتخابي للثلاثي المذكور.
كما ان تيار المستقبل من اشد المتحمسين ضمناً للقانون الحالي، اذ انه يرى فيه الصيغة المثلى للمحافظة على حصته الكبرى في الندوة النيابية لا بل انه بدأ يرسم تحالفاته الانتخابية على اساسه.
وفي المحصّلة يبدو ان الثنائي الشيعي الطرف الوحيد من المفاوضين الذي يجتهد لاقرار قانون جديد يرتكز على النسبية. وهذا ما يعزز الاعتقاد بأن ما يدور من نقاش حول هذا القانون هو مجرد مضيعة وقت، واننا ذاهبون الى خيار بين اثنين: التمديد او اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين الحالي. ولان التمديد يعني قلب الطاولة على رؤوس الجميع فان خيار الستين هو الاوفر حظاً.