قال طارق بن زياد لجنوده: البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، فأين المفرّ؟
اليوم يتطلَّع الرئيس نبيه بري صوب ساحة النجمة، فيجدها شبه خاوية. يسأل عن مشاريع القوانين الملحَّة، فترده مكدَّسة بعضها فوق البعض كأنها لم تُلمس، ولم يزرها إلا الغبار وبيوت العنكبوت.
وإذا سألتَ، جاءك الجواب: فتِّش عن الفراغ الرئاسي.
والبعض يذهب إلى أبعد: الذين يعطِّلون الاستحقاق الرئاسي نزولاً عند رغبة إيران، هم ذاتهم إيّاهم يحولون دون انعقاد أي جلسة، وإن كانت تحت عنوان “تشريع الضرورة”، وما تستوجبه المصلحة العامة ومصلحة المواطنين بمختلف فئاتهم، وحتماً، دون أي تمييز.
عمر الفراغ الرئاسي عامان. عدد الجلسات التي عقدها مجلس النواب لا تكمل عدد أصابع اليد الواحدة.
في هذا الوقت، في هذا الفراغ الشامل، في هذا الشلل الذي يكبّل المؤسّسات العامة والخاصة، ويأخذ مصالح الناس ولقمة عيشهم بطريقه، يحاول الرئيس برّي أن يخترق أحد هذه الحواجز المعطّلة للحركة، والانتاج، ودورة الحياة بصورة عامة. فيتصدَّى له المعطِّلون أنفسهم وملتزمو تفقير البلد وقهر الناس، وتفليس المؤسَّسات العريقة التي يلقي لبنان ظهره عليها عادة، وفي المحن التي يتخبَّط اليوم في لجّتها، من غير أن يغيثه أحد.
من حق المجلس النيابي التشريع في كل الظروف، وكل الحالات، وعندما تدعو الحاجة إلى ذلك.
إلا أن حكيم عين التينة أعلن أنه لن يدعو إلى جلسة، أو إلى جلسات تشريع الضرورة، قبل أن تنتهي اللجان المشتركة من عملها، بالنسبة إلى قانون الانتخاب على الأقل. واعادة درس كل القوانين والمقترحات، مع ماهيّة الدوائر بالنسبة إلى الانتخابات، وماهيّة النظام، وإنجازها بدقّة وشموليّة، وبما يسهِّل المهمّة المنشودة.
بالطبع لم يتّخذ برّي هذا الموقف متراجعاً عن قناعاته، بل هو أقدم على هذه الخطوة التي ليست مستغربة منه كتعبير عن احترامه للنواب، ولمعارضي جلسات “تشريع الضرورة”، بل هو “احترام لكم وحرصاً على لبنان”.
واعتبر في سياق مؤتمره الصحافي “أن قانون الانتخاب كما البلد، بحاجة إلى توافق”، وبعدما استهلَّ مؤتمره بقوله إن التمسّك بالقوانين المقترحة لم يعد في محلّه.
وعلى أساس “اللّي ما بيجي معك تعالَ معه، وبالفعل سأذهب معه إلى أن تصبح كل القوانين المقترحة جاهزة، والجو العام صالحاً”.
ما كان أشقى لبنان وأتعسه لو لم يكن نبيه برّي حاضراً ناضراً كرئيس لمجلس النواب. ودائماً كأم الصبيّ.