يطرح رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي منذ الآن، من خلال اللجنة النيابية من «كتلة التنمية والتحرير» التي انتدبها لعرض المشروع الإنتخابي الجديد المنبثق عن كتلته، على الكتل النيابية الأخرى، بهدف الإطلاع عليه والبحث في بنوده وإعطاء رأيها فيه. وتضمّ اللجنة النيابية التي جالت حتى الآن، على غالبية الكتل النيابية الرئيسية في البلاد كلا من النوّاب أنور الخليل، هاني قبيسي وابراهيم عازار، وقد حملت بالأمس مشروعها هذا الى رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» الوزير جبران باسيل التي حضر عدد من نوّابها (آلان عون، سيمون أبي رميا وزياد أسود) اللقاء الذي جمع وفد من الكتلتين في وزارة الخارجية والمغتربين.
مصدر سياسي في «تكتّل التغيير والإصلاح»، أوضح لـ «الديار» أنّ الرئيس برّي يطرح مشروعه الإنتخابي باكراً لـــكي لا تبقى الأمور غير محسومة حتى اللحظة الأخيرة، وهذا أمر جيّد»، مشيراً الى أنّ التكتّل غير متفق على كلّ بنود هذا المشروع، علماً أنّه يحتاج الى المزيد من الدرس قبل إعلان موقفه النهائي منه.
وأكّد أنّ «التكتّل منفتح على المناقشات، ولا يُغلق الباب على أي طرح أو اقتراح في ما يتعلّق بقانون الإنتخابات. كما أنّه يُؤيّد اعتماد الناخبين للبطاقة الإلكترونية (أو البيومترية)، لافتاً الى أنّه أمر متفق ومنصوص عليه في القانون الحالي، وقد وافقت عليه جميع الكتل النيابية. إلاّ أنّه لم يتمّ اعتماد البطاقة البيومترية في الدورة الإنتخابية الأخيرة، على ما يقول بعض العارفين، بسبب ضيق الوقت والكلفة الباهظة لها، خصوصاً وأنّ الداخلية لم تتمكّن يومها من الحصول على عروض مناسبة في غضون أشهر قليلة. ولهذا، فإنّ طرح اعتماد البطاقة الإلكترونية من ضمن مشروع الرئيس برّي منذ الآن، وموافقة الكتل النيابية المختلفة عليه، من شأنه أن يُعطي وزارة الداخلية والبلديات الوقت الكافي قبل الدورة الإنتخابية المقبلة في أيّار من العام 2022، للبحث في تكلفتها والموافقة على العروض الأقلّ كلفة، كما لإصدارها في وقتها المناسب.
وتقول أوساط سياسية أخرى مواكبة لمشروع برّي بأنّ اقتــراح «لبنان دائرة واحدة» وفق النظام النسبي سيُكرّر السجال نفسه الذي حصل قبل التوافق على القانون الإنتخابي الحالي مجدّداً، مذكرةّ بأنّ كتل نيابية عدّة رفضته وأخرى وافقته عليه حينها، لكنّها وجدت أنّ تطبيقه صعب نوعاً ما. وفي النهاية لم يلقَ إجماعاً عليه لهذا جرى اعتماد النسبية وفق 15 دائرة إنتخابية، بدلاً من لبنان دائرة واحدة. غير أنّ تجربة الـ 15 دائرة والتي اعترضت كتل عدّة على ما نتجت عنه قد تفتح الباب مجدّداً على النقاش بشكل مختلف على اعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة.
وأوضحت الاوساط أنّ ثمّة كتلا نيابية وافقت على القانون الحالي، وجدت بعد تطبيقه في الدورة النيابية الأخيرة أنّه يحتاج الى بعض التعديلات عليه، ولهذا طالبت بإجرائها فور انتهاء الإنتخابات لكي يتمّ بحثها من قبل جميع الكتل قبل الدورة المقبلة، ولهذا فهذه الكتل قد لا تُوافق على قانون إنتخابي جديد ينسف القانون الحالي برمّته، إنّما على إدخال بعض التعديلات على القانون الحالي. وفي رأيها، إنّ صحّة التمثيل قد تحقّقت في الدورة الإنتخابية الأخيرة، وإن كانت بعض الكتل من المسلمين قد خسرت عدداً من مقاعدها، سيما وأنّ القانون التزم بقاعدة 6 و6 مكرّر التي نصّ عليها اتفاق الطائف، كما بتوزيع المقاعد النيابية على أساس 64 للمسيحيين و64 للمسلمين. غير أنّ الإشكال الفعلي الذي يحصل بين الكتل النيابية، ليس على توزيع المقاعد الذي لا يتبدّل، إنّما على أي من الناخبين يأتي بهؤلاء النوّاب، الناخبين المسلمين أم المسيحيين. وما لا تُوافق عليه الكتل المسيحية هو أن يأتي نوّابها بأصوات الناخبين المسلمين، والعكس صحيح. وهذا ما قد يُنشىء الخلاف حول من سيرأس اللائحة الفلانية بين المسيحيين والمسلمين، إذا ما تمّ اعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة، وأي أصوات ستنتخب النوّاب المسيحيين أو المسلمين، ما يشير، بحسب الأوساط نفسها، الى العودة الى النتائج التي أفرزتها الدورات السابقة من الإنتخابات التي جرت على أساس النظام الأكثري، وأوصلت نصف النوّاب المسيحيين الى الندوة البرلمانية بأصوات شيعية وسنيّة. وهذا ما عملت الكتل النيابية المسيحية على تلافيه في القانون الحالي، أو على الأقلّ على استعادة بعضاً من المقاعد المسيحية بأصوات الناخبين المسيحيين.
وفي ما يتعلّق بالكوتا النسائية التي جرى تخصيصها في كلّ لائحة إنتخابية وإلاّ لا يتمّ قبول اللائحة ووجوب اعتماد 20 مقعداً على الأقلّ للمرأة اللبنانية في البرلمان، بحسب مشروع برّي، فلن تعترض عليه الكتل النيابية الأخرى، على ما أفادت الأوساط نفسها، وقد تُسمّي بعض الكتل مرشّحات من الطائفة الأخرى على لائحتها. فيما سيفتح اقتراح إلغاء الصوت التفضيلي باباً واسعاً أمام النقاش من قبل الكتل النيابية لا سيما تلك التي حصلت على أعلى نسب من الأصوات التفضيلية.
وعلّقت الاوساط، على اقتراح تخفيض سنّ الإقتراع الى 18 عاماً بدلاً من 21، بأنّه سيكون أيضاً موضع جدل لدى الكتل النيابية، لجهة ازدياد أو انخفاض نسبة الناخبين لدى المسيحيين والمسلمين. وبطبيعة الحال، لأنّ الولادات لدى المسلمين أكثر، فإنّ عدد ناخبيهم سيزداد حُكماً. علماً أنّه أحد الإقتراحات الذي طالبت به البـعثة الأوروبية لمراقبة الإنتخابات في تقريرها المفصّل الذي تلا الإنتخابات النيابية الأخيرة، كونه يمنح حقّ الإنتخاب لشريحة لا بأس بها من الشباب اللبناني.
وعن تشكيل هيئة مستقلّة من 9 أعضاء للإشراف على الإنتخابات النيابية، على أن تكون منفصلة تماماً عن وزارة الداخلية والبلديات، فتقول الأوساط نفسها، بأنّ هذا الأمر كان مطلبا أساسيا من قبل أعضاء الهيئة السابقة التي عانت من عدم الإستقلالية عن الداخلية، فضلاً عن تأييد مطلبها هذا من كتل نيابية عدّة في حينه.