Site icon IMLebanon

تفاؤل بري الرئاسي دونه .. الحوار

 

بعدما عبّر رئيس مجلس النواب نبيه برّي الأسبوع الماضي عن تفاؤله بقرب التوصل إلى «حل» لأزمة الشغور الرئاسي، وعن امتلاكه «معطيات ملموسة» تدفعه إلى هذا التفاؤل، كان المراقبون ينتظرون «مفاجأة» تتجلّى في اكتمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس التي لم تعقد أمس للأسباب نفسها التي حالت دون انعقادها منذ نيسان الماضي، ما جعل العديدين يتساءلون عن حقيقة هذا «التفاؤل»، لكن ومع ذلك جدّد بري «التعبير» عن تفاؤله خلال لقاء الأربعاء حسبما نقل عنه النواب الذين زاروه في عين التينة أمس.

لكن هذا التفاؤل على ما يبدو بالنسبة الى مصادر جنبلاطية، يعود إلى تقدّم «ملموس» في المساعي التي يقودها بري بالاشتراك مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على صعيد فتح قنوات الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله»، والذي تقول المصادر إنه «وحده الكفيل بإحداث الخرق الضروري للولوج إلى بوابة الاستحقاق الرئاسي».

وتشدّد المصادر لـ «المستقبل» على أن جنبلاط يؤكّد أنه لا يملك معطيات تدفعه إلى التفاؤل بقرب انتهاء الأزمة الرئاسية «التي يبدو أنها طويلة، وليس مطلعاً على المعطيات التي لدى الرئيس بري»، لكنها بالمقابل لا تخفي تفاؤلها بإمكان «نجاح بري وجنبلاط في مسعاهما باتجاه دفع حزب الله والمستقبل إلى الحوار الذي لا غنى عنه».

ورأت أن الرد على مبادرة الرئيس سعد الحريري الحوارية على ما يبدو، جاء مغلقاً ومشروطاً بالقبول بترشيح النائب ميشال عون كقاعدة للحوار مع «المستقبل» كما ورد على لسان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فإن فرض شروط «تعجيزية» كمقدمة لحوار ضروري بين طرفين وازنين في الحياة السياسية اللبنانية، لا يساعد على تقدّم الحوار، لا بل على تعقيده.

وتضيف أنه ليس سراً أن انخراط عون في حواره مع الحريري، وباعتراف الرجلين، مكّن من تجاوز العديد من العقد وفي مقدمها تسهيل مهمة الرئيس تمام سلام في تشكيل حكومة «المصلحة الوطنية»، إلا أن الواضح أيضاً أن الخلاف ظل على مبدأ القبول بعون كمرشح للرئاسة. فللحريري وفريق «14 آذار» مرشّح معروف هو رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، فيما عون الذي روّج لفترة أنه لن يعلن ترشّحه إلا إذا كان على أساس توافقي، سقط من كل حسابات التوافق بعدما أعلن نصرالله أن مرشّح «حزب الله» للرئاسة معروف «اسمه الأول ميشال عون»، ودعا «المستقبل« إلى الحوار معه انطلاقاً من هذا الشرط.

وفي حين أن منطق التسويات في السياسة اللبنانية استناداً الى المصادر، لا بد أن يسود في نهاية الأمر، خصوصاً بعدما أعلن جعجع قبوله بالتراجع عن ترشحّه لمصلحة شخصية مقبولة من الفريقين، وبعدما أصبح واضحاً أنه من الصعوبة بمكان، لا بل من شبه المستحيل وصول عون إلى قصر بعبدا، فإن الحوار المفترض يقوم على أساس القبول بالتفاهم على مرشح لا يكون اسمه الأول «ميشال»، كما لا يكون «سمير»، وإن لم تكن قاعدة الحوار مع «حزب الله» قائمة على هذا الأساس، فإلى أي حوار يدعو السيد؟

وكان جنبلاط الأكثر وضوحاً من بين المعنيين بالشأن الرئاسي، رغم «حجمي المتواضع» كما يحب أن يطلق على نفسه، وذلك من خلال الاصرار على ترشيح عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب هنري حلو، «الوسطي والمعتدل والمنفتح وهي الصفات التي يجب أن تتوافر في المرشح الرئاسي، والتي لا يمكن لرئيس لبنان إلا أن يتمتع بها» على ما ردّد جنبلاط.

إذاً ما هي القطبة المخفية في مواقف بري التفاؤلية، وهل لها علاقة كما ذكرت بعض المعلومات الاعلامية بأن السيد نصرالله في الواقع قد «حرق» أوراق عون الرئاسية من خلال تسميته مرشحاً وحيداً لفريقه، فاغتنم بري المناسبة وبدأ يبحث جدّياً في الاسم «الوسطي» و»التوافقي» المقبول للرئاسة من خلال الاتصالات التي يجريها، والذي لا يمكن البحث فيه من دون الحوار بين الحريري ونصرالله؟

وتشير المصادر إلى أن تفاؤل بري ربما يعود إلى كون «الشمل» الذي تمكّن من «لمّه» للتصويت على قانون تمديد ولاية المجلس النيابي، يمكن أن ينسحب في لحظة معينة على جلسة انتخابات رئيس الجمهورية بعد أن ينخرط الحريري ونصرالله في الحوار «الضروري والملحّ«، هذا الحوار، الذي بحسب جنبلاط وبري، لا يسهّل عملية التوافق على الانتخابات الرئاسية فحسب، بل تمتد مفاعيله الايجابية على الاستقرار العام والسلم الأهلي والنمو الاقتصادي.