IMLebanon

بري تلقى من نواب حزب الله اجواء تطمينية قبل الافطار

حسم رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون قراره بأن وقّع مرسوم دعوة المجلس النيابيّ إلى دورة استثنائيّة حدّدها من 7 حزيران إلى 20 منه. تستند أوساط سياسيّة إلى الحسم لترى فيه أمرين أساسيين:

1-لقد استعمل رئيس الجمهورية حقّه الدستوريّ، غير القابل للنزاع أو التنازع وبخاصّة في المادة 33 منه وقد جاء فيها: «إنّ افتتاح العقود العادية واختتامها يجريان حكمًا في المواعيد المبيّنة في المادة 32 (أي لرئيس المجلس النيابيّ)، ولرئيس الجمهورية وبالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النواب إلى عقود استثنائيّة بمرسوم يحدّد افتتاحها واختتامها وبرنامجها، وعلى رئيس الجمهوريّة دعوة المجلس إلى عقود استثنائيّة إذا طلبت منه الأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه». وقد تبيّن في محصلة المداولات الدستوريّة بأنّ المواد الدستورية والنصوص فيها غير قابلة بهذا المعنى لأيّ تأويل واجتهاد، فعلها الرئيس فوق أي تأويل وسطّر المرسوم وأصدره ببرنامج واحد ووحيد فقط، وهو إقرار قانون للانتخابات.

2-لقد انطلق الرئيس من مسلّمة سياسية تجلّت أمامه، وهو اتفاق الجميع على قانون النسبية مع خمس عشرة دائرة. تطرح تلك الأوساط سؤالاً، هل هذا الاتفاق جوهريّ ومبدئيّ، أو بإمكان الشروط العالية أن تزهقه؟ على هذا تجيب أوساط مقرّبة من الرئيس بأنّ إزهاق الاتفاق بات مستحيلاً، ذلك أن الرئيس قد استعمل حقّه المطلق في الدعوة، واستبق بها لقاءه مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة سعد الحريري في القصر الجمهوريّ، بهذا المرسوم ليس ليقطع الطريق على رئيس المجلس النيابيّ وإن بدا سياق الدعوة هكذا في الشكل، ولكن لكي يضع معظم القيادات السياسية والأحزاب والطوائف أمام مسؤولياتها للشروع في إنهاء تلك التفاصيل والشروع في المجلس النيابيّ إلى إصدار القانون.

الأوساط المقرّبة من الرئيس أظهرت بأنّ معظم القوى السياسيّة تعهدت بإنهاء هذا الملفّ المصيريّ والجوهريّ في لبنان وعدم المناورة به. وتستند إلى تصريح النائب وليد جنبلاط بعيد الإفطار في قصر بعبدا حين قال بأنّ الأمور إيجابية وتتجه إلى قانون انتخابيّ جديد ولا للتسين ولا للتمديد. وينطلق الاستناد هذا إلى أن معظم الأطراف قد دفنوا أقله في العلن قانون الستين إلى غير رجعة ولم يعد مجتزءاً الكلام أيضًا في التمديد للمجلس ولكنّ الكلام مأخوذ في مرحلة أولى إلى إقرار النسبية مع الدوائر الخمس عشرة ومن ثمّ يصار إلى تمديد تقنيّ محدود من ثلاثة أشهر إلى شهر أيار من سنة 2018، من أجل التحضير لها ورصد موزانتها وبناء سقوف لها.

على هذا، فإنّ معلومات تسرّبت عن اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيسيّ المجلس والحكومة، كشفت عن ان طبيعة اللقاء لم تكن مشدودة إلى الناحية الشـخصيّة فعلى الرغم من الخلاف السياسيّ، فإنّ الاحترام بين عون وبرّي متبادل، وفي معظم ما صدر من تصاريح بعد انتخاب عون رئيسًا لم يصدر من برّي كلام شخـصيّ جارح، كما أنّ الرئيس بدوره ظلّ على السموّ عينه. فعلى المستوى الشخصيّ تميّز اللقاء بالرحابة والاحترام، الجوّ السياسيّ تميّز بالعتب المتبادل، وكان رئيس الجمهورية حريصًا على احترام الدستور والمهل الدستوريّة وطبيعة التعاون بين الرئاستين الأولى والثانية المستند إلى التوازن القائم في المادتين 32 و33 من الدستور. وفي الوقت عينه تميّز اللقاء بمجموعة استيضاحات طلبها رئيس المجلس من رئيس الجمهوريّة بالنسبة إلى طبيعة الدوائر وكيفية توزيع المقاعد النيابيّة، فتم التوضيح بأنّ المادة 24 من الدستور كاشفة لمضمون التوزيع، وقد دمجت ما بين المناصفة والنسبية سواء بين الطوائف أو بين المناطق، وأوضح الرئيس بأنّ معظم المشاريع التي تقدمت للبحث لم تغب عنها النسبيّة البتّة وقد أمست القاسم المشترك للجميع.

تقول أوساط أخرى ومتابعة، بأنّ جوهر اللقاء في بعـبدا لم يكن منفصلاً عن جوهر اللقاء بين الوزير جبران باسيل وألامين العام لحزب الله السيد حسن نصــرالله قبل إفطار قصر بعبدا. وعلى الرغم من أن موعد اللــقاء كان قد تحدّد مسبقًا إلاّ أن إنسيابية الأجواء تداخـــلت بقوّة خلال الحوار بين الرئيسين عون وبري، واللافـــت بأنّ برّي قبل صعوده لبعبدا تلقى من نواب الحزب تلك الأجواء وهي أجواء ممتازة في معانيها وأهدافها، بأبعـادها واستراتيجيّتها. ومما يظهر كنتيجة بأنّ الـتوافق على القانون هو المدخل لحالة تكوينية جديدة ستترسّخ من خلال تلاقي الأطراف اللبنانية الأساسـية على تحصين لبنان تحــصينًا متينًا ومحكمًا بكلّ الأبعـــاد، سيّما أنّ ثمّة قرارًا قد أخذ على أعلى المـستويات بعدم تحويل لبنان من الاستقرار إلى الانفجار فقط، بل بتمتين الاستقرار الأمنيّ بإحكام من خلال تنفيذ الاتفاق القطريّ-الإيرانيّ في جرود عرسال، وهو قد حرر المناطق السورية المحاذية للحدود اللبنانية-السوريّة.

وترى بعض المصادر، بأنّ لقاء الضاحية قد تمّ وفقًا لهذا التوافق الجديد. وفي المعطيات إنّ كمال الاستقرار بعناصره المتكاملة يحتاج إلى تأهيل لمفاعيله، وقد رأت تلك المصادر بأنّ معظم الأطراف فهمت بأن ثمّة بابين ومدخلين للولوج نحو استكمال العناصر وحراكها نحو تكاملية صحيحة وسليمة في قالب جديد، وهما حسم الحالة الشاذّة في جرود عرسال، وإعادة الهدوء والاطمئنان إلى أهالي البقاع الشماليّ على مختلف نحلهم ومللهم، وإقرار قانون للانتخابات ضمن المهلة الدستورية التي حدّدها رئيس الجمهورية في المرسوم الذي أصدره. وتعتقد تلك المصادر بأن مسألة عرسال قد اتجهت نحو الحسم بفاعليتين واحدة بنيويّة تنشؤها قطر، وأخرى حكوميّة وأمنية سيبرزها الجيش اللبناني والقوى الأمنية بدعم من حزب الله، بحال لم يسلم المسلحون أنفسهم إلى السلطات اللبنانية، أو لم يسلكوا نحو إدلب وفقًا لما تمّ الاتفاق عليه. وفي الوقت عينه فإن مسألة إقرار القانون باتت وشيكة ضمن المهلة الدستوريّة وهذا ما سيقود لبنان نحو مرحلة جديدة تستهلك الاستقرار على مختلف توجهاته باتجاه استكمال بناء الدولة اللبنانية بمؤسساتها ومكافحة الفساد.

هل تلك الأجواء فعلاً راسخة؟ تقول المصادر بأن لا خيار للبنان سوى سلوك هذا الطريق، يجب إنهاء المسألة اللبنانية بتداعياتها وبناء مرحلة جديدة وقد لاحظت أوساط سياسية بأنّ ثمّة تبدّلاً بدأ يطرأ في العلاقة بين القوات اللبنانية وحزب الله، فقد توقف الهجوم الاعتياديّ وتحوّل إلى هدوء وتظهر هذه المصادر ميلاً إلى أن رئيس الجمهورية وبعد الانتخابات يملك تصميمًا على فتح حوار بين الفريقين الأساسيين وهما الحليفان له وللتيار الوطنيّ الحرّ.

هل ثمّة ظنون بالعودة إلى الستين؟ معظم الأطراف دفنوه بمن فيهم وليد جنبلاط، لقد كان لبنان في خطر استعادة القانون وساد الظنّ عند الجميع بأننا متجهون إليه، إلاّ أنّ المرحلة اللبنانية الجديدة هي مرحلة النسبية ضمن الدوائر الخمس عشرة. على هذا اتفق الأحزاب المسيحيون الأربعة في بكركي وهو في الأصل مشروع العماد عون، وقد عاد حيًّا بعد رقاد يسير له، وخوف على لبنان من المنزلقات الخطيرة.

لبنان إلى مرحلة جديدة، الأهمّ أن يملك السياسيون القدرة على حماية كل الانجازات حتى لا يتصدّع الوضع من أي أمر داهم يقلب الدنيا رأسًا على عقب. لبنان نحو السطوع سائر في موسم اصطيافي واعد.