برّي يحسم جدل الجلسة الانتخابية ويرفع سقف تحدّياته في وجه العهد الآتي
تشكيل الحكومة الحريرية وقانون الانتخاب وخطاب القَسَم أبرز هذه التحديات
ماذا يحصل لو لم يتمكن أي من المرشحين عون وفرنجية من الحصول على الأكثرية في الدورة الثانية؟
حسم الرئيس نبيه برّي الجدل الدائر حول ما إذا كانت جلسة الاثنين المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية تعقد بدورتين أولى وثانية أم بدورة ثانية فقط بعدما عقدت الجلسة الأولى بحضور ثلثي مجلس النواب، وقال من جنيف أن نصاب جلسة الانتخاب محسوم، فنحن أمام جلسة بدورتين إذا لم يفز مرشّح بالدورة الأولى، لافتاً إلى أن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية معروف ومحسوم، فما دام قد تُلي محضر الجلسة السابقة وصدّق، نحن أمام جلسة بدورتين إذا لم يفز مرشّح بالدورة الأولى ولا حاجة للإثارة واللغط، مجدداً تأكيده أنه سيحضر جلسة الاثنين هو وكتلته، وأن «الجهاد الأكبر» بعد انتخاب الرئيس والعنصر الأساسي فيه قانون جديد للانتخابات النيابية. فماذا يعني كلام رئيس مجلس النواب عشية عودته إلى بيروت؟ إنه يعني الآتي:
1- الردّ على التيار العوني وكتلته النيابية التي تطالب بانتخاب الرئيس بأكثرية النصف زائداً واحداً من الدورة الأولى على اعتبار أن مجلس النواب سبق له أن عقد جلسة أولى بنصاب الثلثين، ويستعيد هذا الموقف لرئيس مجلس النواب، كلاماً سبق أن قاله المرشح المنافس للعماد ميشال عون النائب سليمان فرنجية عن احتمال عدم تمكّن الأول من الحصول على النصف زائدا واحدا في الدورة الثانية ويؤدي ذلك إلى الوقوع في مشكلة دستورية في شأن مَن سيكون رئيساً للجمهورية بعد فشل أي من المرشحين المتنافسين في الحصول في الدورة الثانية على أكثرية النصف زائداً واحداً للفوز.
2- يشي كلام الرئيس برّي عن حضوره ونواب كتلته الجلسة بأنه لن يساهم في تعطيل النصاب بل سيحضر وينتخب ضد العماد ميشال عون أي لمصلحة منافسه النائب سليمان فرنجية، مما يؤشّر إلى فشل الاتصالات التي قام بها أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله بين الرئيس برّي والعماد عون لإصلاح ذات البين، وإعادة توحيد صف قوى 8 آذار ووقوفها وراء العماد عون لإيصاله إلى قصر بعبدا، وهذا يترك الأبواب مفتوحة أمام حصول مفاجآت لا تقتصر فقط على خلط الأوراق السياسية بل تتعداه إلى قلب الطاولة الانتخابية في جلسة الاثنين المقبل.
3- يؤشّر كلام الرئيس برّي عن «الجهاد الأكبر» حول قانون الانتخابات النيابية بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإيصال عون إلى قصر بعبدا بأن مرحلة ما بعد الانتخاب ليست كما قبلها، وأن العهد الجديد سيواجَه بأزمة قد تكون أكبر منه وهي الاتفاق على قانون جديد للانتخابات قبل الاتفاق على تشكيل الحكومة، وهذا معناه، كما صرّح برّي من جنيف، أن شهر العسل بين الرئيس عون والرئيس سعد الحريري الذي بات تكليفه تشكيل الحكومة من باب تحصيل حاصل سيجد طريقه مليئة بأشواك قانون الانتخابات وتوزيع الحقائب الوزارية، ولا سيما السيادية منها، إلى جانب الثلث المعطِّل التي ستشترط المعارضة للقبول في الاشتراك الحصول عليه كضمانة لها وللتأكيد على استعداد العهد للالتزام بموجباته الميثاقية، وفي مقدمتها قيام حكومة وحدة لتكرّس الاتفاق الذي تمّ على انتخاب رئيس جمهورية.
5- لا شك في أن الرئيس برّي ينتظر خطاب القَسَمْ الذي يُقال أن العماد عون أنهى إعداده وأصبح جاهزاً وماذا يتضمّن هذا الخطاب إن لجهة تحييد لبنان عن الصراعات والنزاعات العربية، أي النأي بالنفس، ودور المقاومة ومستقبلها ومصير سلاحها من ضمن الاستراتيجية الدفاعية والمحكمة الدولية وشهود الزور وكل ما يمتّ بصلة إلى النقاط والمواضيع الخلافية بين قوى 14 و8 آذار وما إذا كان سيأتي على ذكر البنود العشرة التي التزم بها مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع إلى البنود الستة التي تحدث عنها رئيس تيّار المستقبل في خطاب التحوّل الكبير الذي وجهه إلى الشعب اللبناني وإلى جمهوره السنّي الواسع.
مصادر سياسية محايدة تقول إذا كان مسار الرئاسة الأولى استلزم عامين وخمسة أشهر، إذا ما كُتب له أن يتم يوم الاثنين المقبل، فإن تشكيل الحكومة لن يكون بالأمر السهل، وربما يحتاج إلى أكثر من ستة أشهر على حدّ تقدير الرئيس برّي، وهو الموعد الذي يُفترض أن تجري فيه الانتخابات النيابية وذلك في ضوء ما سبق ذكره والمعطيات الأخرى المتوافرة في هذا الشأن، وفي شكل خاص ما يتصل منها بالفريق المعارض المتوقع أن يتزعمه رئيس مجلس النواب إن لجهة المشاركة في الحكومة أو عدمها أو لناحية المطالب والشروط إذا ما حسمت خيارها بالانخراط في مسار العهد العوني والمعارضة من الداخل بحيث ترفع سقفها لتأتي مشاركتها فاعلة ومؤثّرة وليست صورية.
وإلى هذه التحديات تعتبر المصادر أن أبرز العقبات التي تواجه العهد الجديد تتمثّل في حال رفض برّي، وهذا أمر مرجّح، دخول الحكومة، كيفية تمثيل المكوّن الشيعي فيها بحيث يحصر والحال هذه بحزب الله، إذا ما وافق وهو المصنّف في أجندات الكثير من الدول العربية والغربية والخليجية تحديداً إرهابياً، فالرئيس الحريري العائد إلى السراي من بوابة حليف الحزب العماد عون بعد انقطاع قسري فرضه الحزب الذي أطاح بحكومته ورفع فيتو كبيراً على عودته، سيواجه معضلة أساسية تتمثّل في كيفية تأمين الدعم الغربي والعربي للبنان والحزب هو ممثّل وحيد للمكوّن الشيعي، وهل أن المال الخليجي الذي لطالما شكّل الرافد الأساسي لحكومات الحريري سيضخ مجدداً في عروق حكومة من هذا النوع؟