Site icon IMLebanon

برّي: انعقاد المجلس يتقدّم الميثاقية

تبدو جلسة مجلس النواب في حكم المحققة في حساب الرئيس نبيه بري قبل ان يوجه الدعوة اليها. في العقد العادي الاول المنصرم، تريث في توجيهها قبل تأكده من حضور النواب المسيحيين. هذه المرة تسبق التأكيدات الدعوة

اكثر من اي مرة سابقة، انطوى اصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقد جلسة عامة في مدى قريب على تهديد. للمرة الاولى ايضا اهمل اهمية الميثاقية لانعقاد الجلسة، وكان يضعها باستمرار في رأس مبررات الالتئام، ولاحظ ان لا اسباب تحول دون حضور الكتل النيابية، بما فيها التي اعتادت منذ شغور رئاسة الجمهورية التهديد بالتغيّب، ثم بالتغيّب الفعلي، لاسباب لا صلة مباشرة لها بالاستحقاق المعطل.

باستثناء حزب الكتائب الذي يتفرّد بمقاربته انعقاد المجلس اذ يعدّه في التئام حكمي لانتخاب الرئيس فحسب، وافقت الكتلتان المسيحيتان الاخريان، تكتل التغيير والاصلاح وحزب القوات اللبنانية، رئيس المجلس على مبدأ «تشريع الضرورة»، واختلفتا معه على جدول الاعمال والمعايير الملازمة لهذا المبدأ كي تصح على مشاريع القوانين المرشحة لادراجها في الجدول. بعد توقيع تفاهمهما لاشهر خلت، ادخلت الكتلتان شرطين للموافقة على حضور جلسة عامة، دونما ربطها بالضرورة بانتخاب رئيس الجمهورية، هما قانونا استعادة الجنسية اللبنانية والانتخاب. تحضران معا او تتغيّبان معا.

على مرّ المرحلة تلك منذ مطلع 2015، تمسّك بري بالميثاقية التي تحتم عدم غياب الكتل المسيحية الوازنة عن الجلسة العامة. كان يكفي حضور احد اثنين، تكتل التغيير والاصلاح او القوات اللبنانية، كي ترجّح كفة التئام عقد المجلس، آخذا في الاعتبار حضور نواب مسيحيين آخرين ينتمون الى كتل رئيسية سواهما، هي كتل رئيس المجلس وتيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط كي يوازن بين العدد والتمثيل.

على نحو كهذا، من دون اي انتقاص، مدد البرلمان لنفسه للمرة الثانية في تشرين الثاني 2014 في حضور نواب حزب القوات اللبنانية، وتغيّب نواب تكتل التغيير والاصلاح وحزب الكتائب. 

على ان بري رفع نبرة المواجهة غداة الاجتماع الاول لهيئة مكتب المجلس الثلثاء الماضي، بالاصرار على عقد جلسة عامة، واكثر من جلسة، في العقد العادي الثاني الذي ينتهي في آخر السنة. باتت اخطار استمرار تعطيل البرلمان اكبر من ان تحتمل: القروض واجازة اتفاقات دولية ورواتب القطاع العام وصولا الى رواتب العسكريين، كي يقول مساء الخميس: آخر ما كان ينقصنا عدم دفع رواتب الجيش والقوى العسكرية والامنية.

قد لا تكون ولاية برلمان 2009 الممددة مرتين على التوالي هي الاسوأ:

ــ قبلها برلمان 2005 ــ 2009 اجتمع في 33 جلسة عامة، انقطع خلالها عن الانعقاد طوال سنة ونصف سنة بين كانون الثاني 2007 وانتخاب الرئيس ميشال سليمان في ايار 2008 من جراء طعن بري في شرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وميثاقيتها على اثر استقالة الوزراء الشيعة.

ــ بدوره برلمان 2009 ــ 2013 انعقد في 25 جلسة عامة حتى الموعد المفترض لانتهاء ولايته. سرعان ما مددت الجلسة الـ25 في ايار 2013 الولاية سنة وسبعة اشهر.

ــ التأم المجلس في الولاية الممددة الاولى، بين تشرين الاول 2013 وتشرين الثاني 2014، في 12 جلسة، الى ثلاث اخرى دعا اليها، بيد ان نصابها القانوني لم يكتمل.

ــ في العقد الاستثنائي الذي اصدره سليمان، وهو على اهبة مغادرة قصر بعبدا، لم ينعقد المجلس بين حزيران وتشرين الاول 2014 سوى في ثلاث جلسات.

ــ بعد التمديد الثاني في تشرين الثاني 2014، لم يلتئم في ما تبقى من العقد العادي الثاني حتى كانون الاول 2014 سوى في جلسة تشريع واحدة يتيمة حتى اليوم، عابرا بها الى 2015 كلها تقريبا، الى الآن على الاقل.

ــ مرّ العقد العادي الاول بين آذار وايار 2015 بلا اي جلسة، رغم اجتماع هيئة مكتب المجلس واعدادها جدول اعمال ببنود «تشريع الضرورة». الا ان الاشارات التي تلقاها بري انبأت سلفا بأن الكتل المسيحية الرئيسية لن تحضر، كل لاسبابه. فعزف عن توجيه الدعوة.

ــ اخفق المجلس في محاولة الحصول على مرسوم عقد استثنائي بين حزيران وتشرين الاول 2015، تارة بسبب الخلاف على تعريف «تشريع الضرورة»، وطورا من جراء التباين حيال صلاحية حكومة الرئيس تمام سلام في اصدار المرسوم في غياب رئيس الجمهورية صاحب الاختصاص.

ــ ها هو العقد العادي الثاني الاخير في 2015 عالق على بند او اثنين في جدول الاعمال كي يتمكن البرلمان من الانعقاد.

لعل المثير في الامر ان 11 شهرا من الولاية الممددة الثانية للمجلس لم تتح له حتى الآن الانعقاد.

قد لا يبدو التئام الجلسة التي يصر عليها بري بالسهولة المتوخاة، رغم توافق معظم الكتل الرئيسية على المشاركة فيها. يذهب نواب تكتل التغيير والاصلاح والقوات اللبنانية متمسكين باقرار اقتراح استعادة اللبنانية. وهو توقّع في غير محله تبعاً لآلية عمل البرلمان واقتران بت اي مشروع قانون او اقتراح قانون بصفة عادية او معجلة بضرورة حصوله على الاكثرية القانونية، او يحال اذ ذاك على اللجان المختصة. حتى الامس القريب كانت حجة تكتل التغيير والاصلاح ان مشروع استعادة الجنسية غاف في ادراج اللجان، الى ان تبناه مع كتلة القوات اللبنانية في اقتراح قانون معجل مكرر لاختصار المهل الى اقراره. مع ذلك دونه عقبات رئيسية اخصها ان تيار المستقبل لا يستعجله.