هذه المرة لا يدق الرئيس نبيه بري جرس الانذار فحسب. بل يخشى من الادهى. مصير الانتخابات النيابية العامة المقررة بين نيسان وحزيران 2017 على كف عفريت. ما قد يحدث حتى 20 كانون الثاني كفيل برسم مصيرها. الاسوأ ان اجراءها قد يصير متعذراً
يرسم رئيس مجلس النواب نبيه بري السيناريو الاكثر اسوداداً للاشهر الستة المتبقية في ولاية البرلمان الحالي، في ظل لاءات ثلاث معلنة، يتشبّث بها الافرقاء المعنيون: لا احد يريد «قانون الستين» (2008)، لا احد يريد تمديد ولاية مجلس النواب، لا احد لا يريد الانتخابات النيابية العامة.
في المقابل ليس ثمة نعم واحدة واضحة يمكن تصديقها: كيف يذهب الافرقاء الى اجراء انتخابات نيابية يرفضون فيها القانون النافذ، ولا يملكون آخر بديلاً منه؟
الاستنتاج البسيط هو احد خيارين: اما الذهاب اليها بقانون 2008 ــــ وهو ما يضمرونه على نحو عبارة رئيس المجلس «قلوبهم معه وسيوفهم عليه» ــــ او البحث عن الذريعة التي تحول دون اجرائها في موعدها.
في السيناريو الذي يتحدث عنه بري الآتي:
ــــ تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي في الساعة صفر ليل 20/19 حزيران 2017. ما يقتضي وجود برلمان منتخب آنئذ، او الفراغ في السلطة الاشتراعية.
ــــ وفقاً للدستور تجري الانتخابات النيابية العامة في مهلة الشهرين اللذين يسبقان نهاية الولاية، اي بين نيسان وحزيران من التاريخ نفسه. أحد الدورة الأولى في نيسان، وأحد الدورة الاخيرة في حزيران، بغية الفسح في المجال امام فرز الصناديق واعلان وزارة الداخلية في الغداة النتائج النهائية.
ــــ يقفل باب الترشح للانتخابات قبل الموعد المحدد لاجرائها بشهرين، ما يعني ان مهلة الترشح من ضمن المدد القانونية تبلغ ذروتها ما بين شباط وآذار.
ــــ يقتضي بمجلس الوزراء اصدار مرسوم تعيين اعضاء هيئة الاشراف على الانتخابات التي تستمر مهمتها ستة اشهر الى ما بعد اتمام الانتخابات النيابية. خلافاً للاجراءات الاخرى التي تكتفي بمراسيم عادية، فإن تعيين هيئة الاشراف يشترط صدورها عن مجلس الوزراء. مغزى ذلك ان الشهر الاول الذي يلي عطلة الاعياد، كانون الثاني، يفتتح مهلة الاشهر الستة التي تسبق نهاية الولاية، يحتم مباشرة الاجراءات الفعلية بدءاً بأولاها سواء من خلال الحكومة الجديدة، ما ان تصدر مراسيمها وتعد بيانها الوزاري وتقره وتمثل امام مجلس النواب لنيل الثقة، او من خلال الحكومة الحالية.
في ذلك تكمن اشارة بري الى موقف رئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام الذي يتمسك بالعرف الذي سلك عليه سلفه الرئيس نجيب ميقاتي بأن لا يعقد جلسة لمجلس الوزراء او يحضر وحكومته الى مجلس النواب طيلة مدة تصريف الاعمال. بذلك، فإن استمرار تعذر تأليف الحكومة الجديدة حتى مطلع السنة الجديدة، سيحول بالتأكيد دون تمكنها من الاجتماع خلال كانون الثاني المقبل لتعيين هيئة الاشراف على الانتخابات.
يعقب رئيس المجلس: «حذار اهمال هذا البند الذي ينص عليه قانون الستين ويصر عليه البعض في السر. من دون هيئة اشراف على الانتخابات يسهل الطعن في نتائج انتخابات 2017. من دون هذه الهيئة لا انتخابات ولا مجلس نيابياً جديداً».
الواقع انها الذريعة التي تسببت ايضاً بتمديد 2013، حينما اهدر النواب المهلة القانونية لتأليف هيئة الاشراف على الانتخابات بذريعة العمل على وضع قانون جديد للانتخاب، ولوّح حينذاك كثيرون بالطعن بالانتخابات من دونها، قبل ان يتواصل اهدار المهلة الى حد المفاضلة اولاً بين «قانون الستين» او الفراغ، ثم المفاضلة ما بين تمديد الولاية والفراغ.
على ان رئيس المجلس يذهب الى ابعد من ذلك بالقول: «اذا كنا نرفض اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، يقتضي من الآن حتى الثلث الثالث من كانون الثاني ان نكون اتفقنا على قانون جديد، وإن على هامش المسار الحكومي، يجعلنا نتخلص من هذا الذي الذي نرفضه. على ان اسوأ ما في الامر ان المهلة هذه مقيّدة لنا لإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ. اي اذا لم تراعَ الشروط والتدابير القانونية لاجراء الانتخابات وفق القانون الذي نرفضه حتى من اجل انقاذ حصولها، فإن مصير الانتخابات في خطر حقيقي».
يضيف بري: «اذا كانوا يؤخرون تأليف الحكومة من اجل ان يفرضوا اجراء الانتخابات النيابية وفق قانون الستين ــــ وهذا ما اظنه ــــ فإن عليهم ان يتنبهوا ايضاً الى ان المهل تهدر بسرعة على نحو قد لا يمكننا من اجراء الانتخابات وفق هذا القانون حتى. على الجميع اذا تحمّل مسؤولياتهم لأن الوقت لم يعد في مصلحة الا مَن لا يريد الانتخابات النيابية فعلاً. ما اقوله هو من باب الحرص على العهد الجديد، وهو ما حذرت منه مراراً. حرصنا على العهد ليس لأنه الشخص بل مجموع اللبنانيين والبلد كله. لا يساوي شر قانون الستين الا التمديد المرفوض حتماً».