حل الازمات السياسية والدستورية مؤجل الى تاريخ غير منظور اما الوضع الامني فسيبقى ممسوكا، تحت مظلة دولية – اقليمية عزلت حرائق المنطقة عن لبنان ودعمت القوى العسكرية والامنية في تثبيت الامن والاستقرار بتوافق لبناني وهو ما ظهر في الاحداث الامنية التي عاشها اللبنانيون منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري واندلاع الازمة السورية وتطورها ما نتج عنها من تداعيات داخلية جرى التعبير عنها في اشتباكات طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة ثم في بروز ظاهرة الشيخ احمد الاسير في صيدا الى المعارك بين الجيش والمسلحين في عرسال وجرودها ثم في اكتشاف شبكات الارهاب والتخريب والقضاء عليها في اكثر من منطقة لبنانية.
لقد سجل الامن في لبنان تقدما عما يجري في الجوار من حروب مدمرة وهذا مؤشر ايجابي عبّر عنه الرئيس نبيه بري امام النواب في مجلسه كل اربعاء لينقل عنه عدد منهم ارتياحه الى الاوضاع الامنية والتي كان اخر انجاز امني تحقق هو اعتقال الامن العام للمطلوب الفار الشيخ احمد الاسير الذي انتهت ظاهرته عسكريا في مسجده بلال بن رباح في عبرا وجواره لكنه لم ينته امنيا لاستمرار بنائه خلايا نائمة يكلفها بأعمال ارهابية.
فالتفاؤل الذي يبديه الرئيس بري بالامن يبدده التشاؤم بالسياسة كما في تردي الوضع الاقتصادي وتفاقم الازمات الاجتماعية وتناقص الخدمات للمواطنين من رفع نفايات الى انقطاع كهرباء وشح في المياه وازدحام خانق في السير وارتفاع نسبة الجريمة الفردية التي ترافقها زيادة نسبة البطالة بين الشباب وخريجي الجامعات.
هذه «الدراما» التي يعرضها الرئيس بري امام النواب ليستخلص منها انه يمكن فصل قضايا المواطنين الحياتية والخدماتية عن الخلافات السياسية كما ينقل نواب عن رئيس المجلس الذي يفصح بأن احد خلافاته المرحلية او «التكتيكية» مع العماد ميشال عون هو عدم ربط مسائل استراتيجية بهموم المواطنين المعيشية وبملفات انمائية وهو ما انعكس تعطيلا على عمل الحكومة وعدم فتح مجلس النواب للتشريع.
فرئاسة الجمهورية وما نتج عنها من ازمات سياسية ودستورية لن ترى الحل في القريب العاجل لان المدخل اليها يبدأ من اليمن مرورا بسوريا والعراق فهل نعطل عمل المؤسسات القائمة كالحكومة ومجلس النواب حتى تحل انتخابات رئاسة الجمهورية على اهميتها كما يقول الرئىس بري للنواب وزواره الذين يلتقيهم وهو ارسل الى العماد عون عبر النواب الذين يلتقيهم من كتلته ان نفصل بين القضايا الاستراتيجية التي لا خلاف معه عليها وبين قضايا المواطنين الذين نحسدهم على صبرهم علينا يقول بري الذي لايرى مبررا ان لا تبحث الحكومة بمواضيع على صلة بحياة الناس المعيشية والخدماتية وتقرها ثم تعقد جلسة اخرى للحديث عن آلية عملها والتعيينات، ويدور خلاف سياسي ودستوري حولهما ولا يمكن تأجيل قضايا المواطنين الى حين الاتفاق عليهما او بت مصير رئاسة الجمهورية وانهاء الشغور فيها، اذ ثمة قوانين في مجلس النواب يجب ان تقر ومنها موضوع الرواتب فهل يمكن رفض التشريع بسبب غياب رئيس للجمهورية.
لذلك ليس من حلول قريبة للازمات الداخلية التي باتت مرتبطة بتطورات المنطقة انما يمكن البناء على الامن والاستقرار لتأمين استثمارات كما في تحسين الاداء الحكومي وفي تسيير شؤون الدولة هذا ما يطلبه الرئيس بري الى حين يأتي الخبر السعيد من اليمن السعيد.