واحدة من المؤشرات الدالة بين جولتي حوار تيار المستقبل وحزب الله ان معركة فليطا التي مرت بهما لم تلقَ كسابقاتها ردود فعل سلبية. كأنها لم تحدث، وكأن الطرفان في حاجة ملحة الى تغليب حوارهما على ما عداه
يختصر رئيس مجلس النواب نبيه برّي لـ «الاخبار» حصيلة الجولة الثانية من الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، الاثنين الماضي، بالقول انه يضع لها علامة 10/10. يضيف ان الاهم في ما صدر عن الطرفين هو «الركون الى الامن الوطني». اتفقا على جولة ثالثة الاسبوع المقبل، الا ان لا مهلة للحوار، وهو سيستمر ما داما يحتاجان اليه.
في تقويم رئيس البرلمان تلك الحصيلة ان سطراً واحداً من البيان الختامي صدر على اثر الجولة الثانية، اقتضب ما انجزه تيار المستقبل وحزب الله بلا جهد مضن في ملف هو الاكثر تعقيدا في برنامج تنفيس الاحتقان السنّي ــــ الشيعي: «اتفق الفريقان على خيار الامن الوطني على كل الاراضي اللبنانية، من خلال توسيع الخطة الامنية بلا اي استثناء، في البقاع وفي سواه. لا غطاء بعد اليوم على احد، ولن يسمح بأي تجاوز او تساهل من شأنه الاضرار بالاستقرار الداخلي، وسنكون جميعا كاحزاب وتنظيمات من حزب الله الى تيار المستقبل الى حركة امل الى سائر القوى، معنيين بالتزام فرض الامن الوطني». يضيف بري: «قبل الذهاب الى الجولة الثانية، كنت اعتقد ان الخوض في الملف الامني سيكون متعباً، وسيغرق الفريقان في التفاصيل بدءاً من اصغر فصيل، لكنهما انهيا التفاهم عليه سريعا وطوياه. وهو الخطوة الاولى الجدية في مراحل تنفيس الاحتقان. كذلك الامر بالنسبة الى وقف الحملات الاعلامية المتبادلة. لم يحتج تيار المستقبل وحزب الله الى مناقشة هذا الموضوع حتى، بعدما سبق وقف الحملات الاعلامية الجولة الاولى من الحوار، ولم يعد من الضروري تناول الامر وان بسطر واحد».
تعكس الانطباعات الايجابية لرئيس المجلس عن حوار الاثنين تشديده على ان الطرفين لا يكتفيان بإبداء «حسن النية» في التحاور، بل تجاوزاه الى ما هو ابعد.
رئيس المجلس: حوار تيار المستقبل وحزب الله ليس جزءاً من مشكلات المنطقة
لم يعد مهما بالنسبة اليه القول ان اشارات اقليمية قد تكون وصلت الى الداخل، حتّمت هذا الحوار. يضيف: «لم يبدأ الحوار بينهما لانهما تلقيا اشارات من هنا او هناك، بل جاءت الاشارات الاقليمية للفور بعد بدء الجولة الاولى. هذا ما سمعته من السفير السعودي وما قاله علي لاريجاني لدى زيارته بيروت. كلاهما اكدا دعم الحوار وشجعا عليه. ماذا ترانا نريد اكثر من ذلك؟ منذ البداية ناديت بمباشرة حوار وطني بين تيار المستقبل وحزب الله كي نكون جاهزين لاي تطورات اقليمية ايجابية تحصل فنتلقفها، وهو الغرض الرئيسي من تركيز الحوار اول بأول على تنفيس الاحتقان المذهبي وترسيخ الاستقرار والامن، بعد ذلك نخوض على مهل في سائر الملفات».
الا ان رئيس المجلس، راعي هذا الحوار في عين التينة، يحدد ضوابطه وضماناته بين الطرفين ما اتاح سهولة الاتفاق على جدول الاعمال، كالآتي:
«1 ــــ ليس هذا الحوار جزءاً من المشكلات التي تتخبط فيها المنطقة. لن يتحدث المتحاوران في ما يختلفان عليه في المنطقة، وانما في ما يمكن ان يتفقا عليه في الداخل.
2 ــــ بين الطرفين ملفات عالقة وشائكة ليس من السهل الاتفاق عليها في هذا الوقت، وليس هذا هو المطلوب الآن، ولا قدرة لاي فريق داخلي على ذلك. لذا سحبت فتائل الملفات تلك من طاولة الحوار. لعل في ذلك احد اسباب نجاح الجولتين الاولى والثانية. لن يتخلى تيار المستقبل عن المحكمة الدولية اذا طالبه حزب الله به، ولن يتخلى الحزب عن سلاح المقاومة ولن يخرج من الحرب السورية اذا طالبه التيار به. كلاهما يعرفان تماما ما يسعهما الخوض فيه في الوقت الحاضر.
3 ــــ الوضع الداخلي اليوم أشبه بسبحة في وسطها عقدة تمنع تحريك حباتها الاخرى. من دون انتخاب رئيس للجمهورية لن يكون في الامكان تحريك اي من الملفات العالقة. الا ان انجاز هذا الاستحقاق يساعد على تفعيل العملين الحكومي والنيابي، وبدء البحث في قانون جديد للانتخاب، ومن ثمّ الاستعداد لتقصير تمديد ولاية مجلس النواب واجراء انتخابات نيابية عامة جديدة. تكاد كل الاستحقاقات الداخلية مجمّدة على عقدة السبحة تلك. لسوء الحظ لا يظل الاستحقاق مؤجلا. ليست هناك اي اشارة ايجابية واحدة حتى، توحي بامكان انتخاب الرئيس قريبا. طوينا الجلسة السابعة عشرة بلا نصاب، وقد نكون كذلك في الجلسة الثامنة عشرة، وربما نصل الى الجلسة العشرين كما حصل في الاستحقاق الرئاسي عامي 2007 و2008. وربما اكثر. الله اعلم».