أثار موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بفتح تحقيق حول الملابسات التي احاطت بمجريات معركة عرسال عام 2014 لتحديد المسؤوليات بحيث لا يجرم بريء ولا يبرأ متواطئ. «تداعيات زلزالية على الحلبة السياسية كادت تطغى على وهج نتائج معركة «فجر الجرود» التي اطلقها العماد المغوار جوزيف عون واعادت للمؤسسة العسكرية وهجها وهيبة انتهكت في عرسال عدة مرات وتجسدت هذه التداعيات بمواقف نارية لكل من رئىس مجلس النواب نبيه بري ورئىس الحكومة سعد الحريري حيث يرفض بري «التفرد بقائد الجيش السابق جان قهوجي» ورفضه تحميل الرئيس تمام سلام المسؤولية في وقت سارع فيه الحريري الى زيارة سلام تضامنا معه واصفا موقفه في تلك المرحلة بأنه جنب البلاد فتنة سنية – شيعية تدخل لبنان في آتون المحيط الذي لا زالت سحب دخانه تخيم على الرقعة المحلية لارتباطها العضوي بالمحيط ناهيك بغموض ما يطبخ للمنطقة في لعبة الامم.
وتضيف الاوساط ان موقف بري نابع من قراءته للمجريات في المنطقة وضرورة تبريد الساحة المحلية عبر حكومة الاضداد حيث لا يخفي «ابو مصطفى» قلقه من الاطاحة بها عبر فك «ربط النزاع» بين الاخصام معتبرا ان السير بمسلسل الاتهامات سيوصل حتما الى انفراط العقد الحكومي في مرحلة بالغة الدقة وشديدة الدقة حيث يقوم الاميركيون في الميدان السوري بعمليات انزال متتالية في دير الزور قبل تحريرها وفي اريافها بعد ذلك لنقل قياديين في تنظيم «داعش» اداروا عمليات مقاتلي «دولة الخلافة» سواء كان ذلك في الموصل ام في سوريا، اضافة الى ان لدى بري قناعة ان سيطرة «داعش» و«جبهة النصرة» على الجرود القلمونية في لبنان وسوريا ليست مجرد نزهة بل كانت من ضمن مخطط لاعلان «ولاية لبنان» في دولة «الخلافة امارة اسلامية» ومنفذا على البحر «لدولة الخرافة» وان ثمة متغيرات في مطابخ القرار قلبت المعطيات وانضجت الظروف المطلوبة لاقتلاع «داعش» «والنصرة» من الاراضي اللبنانية.
وتشير الاوساط الى ان قلق بري من الاطاحة بالحكومة وما يترتب عليه من تداعيات امنية خطرة في مكانه الصحيح وسط شحن طائفي ومذهبي حاد لا سيما وان زيارة وزير شؤون الخليج السعودي تامر السبهان التي قام بها بجولات للقاء اقطاب بشكل علني واخرون لم يعلن عنهم تجاهلت رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب عن عمد وخلافاً للاعراف حيث برر بعض من التقاهم السبهان بان الزيارة شخصية ولا تملي على الوزير السعودي لقاء المسؤولين اللبنانيين، الا ان رأس جبل الجليد سرعان ما انهار من خلال تغريدات السبهان الذي وصف فيها ايران بوكر الارهاب «وحزب الله» «حزب الشيطان» في لعبة استفزازية لم تحصل طيلة فترة الخلاف السعودي – الايراني، ويدرك بري ان التغريدات المذكورة ربما كانت بهدف الضغط على الحريري واحراجه واشارة الى ان الموقف السعودي من «ربط النزاع» الذي انتج الحكومة الراهنة قد انتهت مفاعيله والمطلوب في المرحلة الراهنة تجنب اثارة اي موضوع خلافي انطلاقاً من معركتي عرسال في آب 2014 وآب 2017 حيث ادت الاخيرة اهدافها بطرد «داعش» وتحرير جثامين الشهداء العسكريين التسعة.
وتقول الاوساط ان بري يعرف تماماً ان طلب الرئيس عون فتح التحقيق بمجريات معركة عرسال 2014 هدفه تحديد المسؤوليات عسكرياً لمعرفة اسباب التقصير في تحرير الجنود المخطوفين قبل نقلهم الى الجرود، ولكن سرعان ما تم تسييس الملف وهنا بيت القصيد والثغرة التي ينفد منها اصحاب المشاريع الملتبسة الذين لا مصلحة لهم في استقرار البلد خصوصاً وان «لداعش» وربيبتها «النصرة» مجموعات في مخيم «عين الحلوة» اضافة الى خلايا نائمة قد تتحول في توقيت معين الى «ذئاب منفردة» تعيد عقارب الساعة الى الوراء لا سيما وانه ليس خفياً ان هناك رجال دين معروفين عملوا على التغرير ببعض الشباب والطلب اليهم الالتحاق «بالنصرة» وفق افادات بعض المتهمين امام القضاء العسكري.