Site icon IMLebanon

برّي: أمامنا باب قانون جديد أو شباك قانون 2008

تبدو وتيرة مناقشة اللجان النيابية المشتركة القانون الجديد للانتخاب أبطأ من سرعة انقضاء ما تبقى من الولاية الحالية لمجلس النواب حتى حزيران 2017. ليس كافياً التفاؤل بأن انتخابات بلدية واختيارية تحمّس على استعجال الانتخابات النيابية

في حسبان رئيس مجلس النواب نبيه برّي ان ما تبقى من الولاية الحالية للمجلس اقصر مما هو متوقّع: لا يزال امام الولاية سنة وشهر، ينقص منها شهران هما المهلة القانونية المنصوص عليها في الدستور لانتخاب مجلس نيابي جديد قبل 60 يوماً من انطواء الولاية الحالية، ينقص منها اربعة الى خمسة اشهر هي المدة التي ينقطع فيها النواب عن البرلمان منصرفين الى حملاتهم الانتخابية المفترضة. تالياً، ليس امام المجلس سوى اربعة الى خمسة اشهر لوضع قانون جديد للانتخاب.

على ان برّي وضع حدّين:

ــــ اقصى هو رفضه تمديد ثالث لمجلس النواب بعد تمديدي 2013 و2014، ما يعني ان القاعدة ــــ لا الاستثناء ــــ هي استمرار البرلمان في ولايته الحالية حتى نهايتها القانونية في حزيران 2017، وإذ ذاك يمسي الخيار بين القانون الجديد للانتخاب ــــ اذا كان ثمة قانون جديد ــــ وبين اجراء الانتخابات وفق القانون النافذ الصادر عام 2008.

ــــ ادنى هو التوصل الى قانون جديد للانتخاب في الاشهر الخمسة المقبلة، قبل استنفاد المدة المحتملة لعمل البرلمان.

يلاحظ رئيس المجلس ان الفرصة لم تفت تماماً لبلوغ قانون جديد بعدما لمس اكثر من موافقة ــــ ضمنية على الاقل او بالايحاء ــــ على الصيغة التي اقترحها للقانون المختلط الذي يزاوج بين التصويتين النسبي والاكثري، ويوزّع المقاعد بينهما مناصفة (64 ــــ 64). من خلال الاصداء التي تجمعت لديه فإن كتل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الله ــــ وإن هو لا يزال يتمسك بالنسبية في لبنان دائرة انتخابية واحدة ــــ واللقاء الديموقراطي أصبحوا اقرب الى مجاراة اقتراحه. على الاقل تخلى جنبلاط او يكاد، والقوات اللبنانية، عن صيغة القانون المختلط التي تبنياها مع تيار المستقبل غير العادلة في تقدير برّي في توزيع المقاعد على التصويتين الأكثري والنسبي (68 ــــ 60).

رغم التفاؤل الذي يشيعه برّي حيال مناقشات اللجان النيابية المشتركة التي إلتأمت حتى الآن في جلستين ترأس الثانية، على ان تعقد الثالثة اليوم، الا ان دون التوصل الى قانون جديد للانتخاب عقبات شتى:

اولاها، انه جارى مطالبة الافرقاء المسيحيين بالذهاب فوراً الى وضع قانون جديد للانتخاب عوض ان يأتي هو بهم الى «تشريع الضرورة» الذي يقاطعونه. سلّم بوجهة نظرهم في قلب الاولويات بغية شق الطريق امام انعقاد الهيئة العامة، واختبار صدقية هؤلاء وجدية ما يريدون. لكن خياراً كهذا يفترض ان يحملهم ــــ كما الكتل النيابية المتضامنة معهم ــــ الى التفاهم على القانون الجديد واقراره. الأمر الذي يدور على نفسه بطيئاً، بينما لا يكتم رئيس المجلس خشيته من ان يستيقظ هؤلاء جميعاً على مهلة الشهرين السابقة لإجراء الانتخابات النيابية العامة، وليس امامهم سوى قانون 2008.

يقول: عليهم ان يختاروا. اما من باب قانون جديد للانتخاب او من شباك قانون 2008.

ثانيها، يماشي برّي وجهة النظر القائلة بأن الانتخابات البلدية والاختيارية، بعد الجولتين الاوليين، وهي حال الجولتين الاخريين ايضاً، أسقطت العامل الامني الذي تذرع به المنادون بتمديد 2013 ثم تمديد 2014. ثم اتى قرار المجلس الدستوري كي يقيم شرطاً ملزماً: ما ان تزول الظروف الامنية يقتضي الذهاب الى انتخابات نيابية عامة فوراً، من دون ربط حصولها بالتوافق المسبق على قانون جديد للانتخاب. لا يبصر رئيس المجلس عجلة تحتّم بالضرورة تقصير ولاية البرلمان، وما تبقى منها بالكاد يستحق امراره. الا ان اسوأ ما يتوقعه ويدق ناقوسه، هو الرجوع الى قانون 2008.

ثالثها، ليست ثمة مفاضلة في الاولوية بين انتخاب رئيس الجمهورية واجراء الانتخابات النيابية العامة. بحسب ما يقوله برّي امام زواره أُفلت الاستحقاق الرئاسي من ايدي اللبنانيين وارادتهم، وهو ينتظر تفاهمات اقليمية ما ان ترتوي النزاعات على ملفات شتى احدها انتخاب الرئيس اللبناني. ليست هذه حال الذهاب الى انتخابات نيابية عامة. في السلة الجديدة التي تكلم عنها مراراً في الايام المنصرمة، واعاد تأكيدها الى طاولة الحوار الوطني، ان الحل الاسهل انتخاب رئيس الجمهورية اولاً لاعادة اطلاق ماكنة الدولة. الا انه يتساءل: ما هو البديل من تعثر حصولها عندما نجد انفسنا على ابواب انتهاء ولاية المجلس واجراء انتخابات نيابية عامة؟

يقول برّي انه مستعد لتوأمة الإستحقاقين: الاتفاق على قانون انتخاب، تليه انتخابات نيابية عامة، يليها انتخاب رئيس الجمهورية. على انه يصرّ على الترابط الحتمي بين انجاز الانتخابات النيابية وانتخاب الرئيس، بحيث يحصل على تعهد جدي وملزم للكتل النيابية الكبرى جميعاً، وأخصها التي تقاطع جلسات انتخاب الرئيس، يقضي بموافقتها القاطعة الخطية حتى، على ان تلي جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس المنبثقة من الانتخابات الجديدة انتخاب رئيس الجمهورية فوراً. يضيف: إن اقتضى الأمر لا بأس من تعهد خطي لدى كاتب العدل.

ثمة سابقة لاقتراح برّي. في 5 تشرين الثاني 1989، انتخب النواب العائدون من الطائف في مطار القليعات هيئة مكتب مجلس النواب ورئيسها آنذاك الرئيس حسين الحسيني، ثم رفعت الجلسة لدقائق كي تستأنف لانتخاب النائب رينه معوض رئيساً للجمهورية، ومن ثم الى جلسة خطاب اليمين الدستورية. كانت البلاد تئن يومذاك من شغور في رئاسة الدولة استمر 13 شهراً و13 يوماً، الى شغور في هيئة مكتب المجلس بسبب نهاية ولايتها، فأعيد في صفقة التفاهم تلك بناء السلطة.

سابقة تصلح لتكرارها تبعاً لاقتراح رئيس المجلس.