ملّ الرئيس نبيه برّي من محاولات المعارضين للتمديد تحميله وحده «خطيئة» إمراره. وملّ أن تخرج عليه يومياً التصريحات من كل حدبٍ وصوب، لترجمه بحجارة «الميثاقية وعزل المسيحيين». لم يعُد أمام رئيس مجلس النواب حلّ سوى «تسمية الأمور بأسمائها»، ووضع كل من يرمي سهامه باتجاه ساحة النجمة وأستاذها عند حدّه، حتى لو كان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، على حد قول مصادر رئيس المجلس.
فأن يجيب مستشار الرئيس برّي علي حمدان في حديث تلفزيوني عن سؤال يتعلق بموقف البطريرك بأنّ «التمديد ليس دستورياً»، بالقول إن «غبطته أطلق أكثر من موقف، وهذه المواقف متناقضة في ما بينها. نحن علينا بالمواقف التي تصدر وهم لم ينفوها»، فإن ذلك يعني أن بيكار الدفاع عن الرئيس برّي أول المعارضين لهذا القانون، لن يوفّر أحداً»، بحسب ما تقول مصادر عين التينة، مع تأكيدها أن «هناك من فسّر كلام حمدان بطريقة خاطئة، ويحاول إحداث شرخ بيننا وبين البطريرك، لكننا لن ننجر الى ذلك».
كيف يُطلب إلى
الرئيس برّي أن ينجح حيث لم يفلح
الراعي؟
ليس برّي واحداً من مشجعي التمديد لمجلس ممدّد له أصلاً «على أحقية دوافعه». وهو «أكد على هذا الموقف علناً وسرّاً في اجتماعاته مع مختلف الأطراف السياسية، قبل أن يتعّرض للابتزاز من قبل أولئك الذين لا يريدون الانتخابات، وأولهم تيار المستقبل». لكن التسليم بهذا الخيار كان أولاً «نتيجة تهديد مكوّن أساسي بمقاطعتها»، وثانياً «ارتضاء أكثرية الأطراف فجأة بهذا الخيار، فلمَ يكون الرئيس برّي هو الشمّاعة التي يريد المعارضون تعليق فشلهم عليها؟».
تؤكد المصادر أن «دفاعنا عن موقفنا لا يستهدف غبطة البطريرك، وإنما كل الأطراف التي لا تجد سوى الرئيس برّي لتحمّله وزر ما حصل». وتعيد المصادر إلى الذاكرة ما رشح عن لقاء البطريرك بالرئيس سعد الحريري في روما، بأنه «تمّ الاتفاق على مختلف الأمور، بما فيها التمديد، ما يعني أن رئيس تيار المستقبل حصل خلال اللقاء على تغطية مسيحية، وإلا لما قال ما قاله». وأضافت المصادر «لو كان هناك التباس لخرج البطريرك أو أحد المحيطين به ليوضّح ما حصل وينهي هذه الهمروجة». بالنسبة إلى المدافعين عن رئيس المجلس «ليس ما يحصل مع برّي عبثياً، ولا وليد الصدفة، فقد تعوّدنا أن يُحمّل وحده أخطاء الآخرين في كل ما يتعلّق بعمل المجلس». برأيهم «هو أقل الواجب أن يعترف الجميع بالمسؤولية معه، وعلى رأسهم البطريرك الراعي، وكل من يحمل كومة الانتقادات فليراجع نفسه، حول ما إذا كان هو قد استطاع الوقوف في وجه تعطيل الاستحقاقات الأخرى».
لم يعُد الرئيس برّي ولا نوّابه يستطيعون وضع أيديهم على ألسنتهم. لن يفعلوها للمرة الثانية، كما حصل عندما فرض التمديد الأول نفسه على المجلس النيابي. آنذاك تنصّل الجميع من التمديد، وألبسوه لبرّي والنائب وليد جنيلاط. فتح هؤلاء باب «المحاسبة» في معرض تعليقهم على ما يقال بحقّهم لأننا «حتماً لن نرضى بأن نكون المذنبين، كما يريد البعض تصويرنا». للبطريرك الراعي، تتوجّه المصادر لتنصحه «بمراجعة مواقف الكتل، والنواب المسيحيين الذين لم يلتزموا حتى قرار تكتلهم، فأتوا مؤيدين للتمديد حضوراً وتصويتاً». فهل «يُطلب إلى الرئيس برّي جمعهم، حيث لم يفلح الراعي في توحيد الصفّ المسيحي على انتخاب رئيس للبلاد؟».
لا تغادر عبارة «الحفاظ على العلاقة مع الراعي» كواليس عين التينة. ليس لأن الأخيرة لا تُعير أهمية لأصابع البطريركية التي تشير إليها بقوة، متّهمة رئيس المجلس في المساهمة في قيادة البلاد الى تعطيل تلو التعطيل، بل لأنها تعلم بأن «همّه الأول هو انتخاب رئيس للبلاد عند أقرب فرصة، وهذا يعني أن مشكلته ليست مع التمديد أو عدمه بقدر ما هي مع عدم توّحد المسيحيين على اسم توافقي لرئاسة الجمهورية»!