Site icon IMLebanon

بري يستغيثكم: توافقوا وإلاّ !

فتح الرئيس نبيه بري كوة في جدار الإحتقان الخطر المقفل على انزلاق لبنان الى الفوضى، ذلك ان تظاهرات المجتمع المدني تأخذ شكل كرة غضب شعبي تكبر يومياً، على رغم ان قوى حزبية وازنة تعمل علناً وصراحة على إحباط هذا التحرك الشعبي المطلبي المحق والضروري، فلقد كان من المستغرب ان يقال “إن القيّمين على التظاهرات مرتزقة يعملون لدى السفارات الأجنبية”، بعدما قيل إنهم سرقوا الشعارات التي يرفعونها!

بري الذي يزن كلامه بمعايير دقيقة ومسؤولة يقرّ حق المواطنين في التظاهر بعدما طفح كيلهم بالنفايات التي ترتفع الى نوافذ الأبنية، وقد حرص على القول إن “حركة أمل سبق أن انتفضت لأسباب أقل سوءاً من الحال الراهنة”، ثم أنه لإدراكه حساسية الوضع وضع دعوته الجديدة الى الحوار تحت عنوان معبّر وصارخ “محاولة للتوافق ونداء استغاثة”.

نعم استغاثة للتوافق، لأنه يعرف مدى الصعوبات التي تواجه دعوته الحوارية، وخصوصاً عندما يبدو الوسط السياسي والحزبي في لبنان منقسماً على حد السكين، فكل يقف على ضفته ونهر الصراع المذهبي بينهما هدّار من المحيط الى الخليج!

هل كان بري ليترك الوضع يتفاقم ان من حيث تراكم الأزمات ونحن على أبواب عام مدرسي وسط وضع اقتصادي خانق ومع مؤشر مخيف للإفلاسات وعلى أبواب شتاء سيجرف النفايات لا الى داخل المنازل بل الى داخل بطون اللبنانيين وصدورهم، أمراضاً لم تعد موجودة حتى في مجاهل الدول وبدائيات الشعوب؟

قطعاً لا، لكنه حرص سلفاً على وصع نقاط ضرورية جداً على حروف طوفان الأزمات التي تخنق البلاد، عندما قال بكل صراحة إن العلّة في النظام والعلّة في الطائفية والحرمان ولا يمكن الإصلاح مع الطائفية ولقد ذهب الى أبعد من هذا بالقول “ان الطائفية أقوى من إرادتي ومن إرادة مجلس النواب”، وليس خافياً فشل ثلاث محاولات لتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية التي ينصّ عليها الدستور!

لا يكفي ترحيب “حزب الله” و”تيار المستقبل” واللقاء الديموقراطي بدعوة بري، التي كما قلت تفتح كوة في جدار مقفل على بركان قد ينفجر، المهم ان يكون الحوار صادقاً وإيجابياً ومثمراً، وخصوصاً بعدما فُجع اللبنانيون بمسلسل طويل لجلسات الحوار كانت عقيمة!

لهذا عندما يحدد بري سبع نقاط للحوار بين الرئيس تمام سلام ورؤساء الكتل النيابية هي انتخاب رئيس وعمل الحكومة ومجلس النواب وقانون الانتخاب واستعادة الجنسية واللامركزية الإدارية ودعم الجيش، يكتفي وليد جنبلاط بضرورة إعادة الانتظام الى عمل المؤسسات الدستورية اذا تعذّر الاتفاق على الأساس أي انتخاب رئيس للجمهورية.

ولكن يبقى الإصرار عند الجميع على بقاء الحكومة لأنها قطعة الحطام الوحيدة التي “نتعربط” بها كي لا نغرق!