Site icon IMLebanon

مجلس كرادلة؟

 

يوحي الرئيس نبيه بري، وكأنّ مجلس النواب الذي يصادر مفتاح قاعته العامة، قد تحوّل إلى مجلس كرادلة، وفي هذا الإيحاء الكثير من الشجاعة، التي تفوق الوصف في المبالغة والتشبيه. فلا مجلس الكرادلة يعمل وفق معادلة «نحن أو لا أحد»، ولا يقبل بالفراغ، ولا مجلس النواب المصادر قادر أن يتجرّأ على التشبّه بديموقراطية مجلس الكرادلة، التي تواكب بكواليس لا يعلمها إلا أرشيف الفاتيكان.

 

إنّه التشبيه الخاطئ لا بل المضلل، الذي يتوهم إعطاء جواب واضح، فيما هو يقدم للسامعين، مناورة على طبق من تكرار، طالما وسمت الحياة السياسية للرئيس نبيه بري، وألصقت بالحياة السياسية اللبنانية صفات جديدة عليها: إنّه طبق الغموض غير البناء، الذي هو عنوان للتشاطر الدائم.

 

إذا لحق أي مراقب بالرئيس بري، إلى عمق مبادرته الحوارية، سوف يسأل السؤال، الذي سأله النائب المعتكف في مجلس النواب ملحم خلف، عن تفسير الدعوة إلى الجلسات المفتوحة. فهل هي جلسات مفتوحة، على طريق إفقاد النصاب من الدورة الثانية، وختم المحضر، والبدء من جديد بتحديد جلسات مفتوحة لا تنتهي؟ أم هي جلسات مفتوحة على دورات لا تنتهي، كما حصل في جلسة انتخاب العماد ميشال عون، حين عقدت أربع دورات متتالية بسبب الخطأ في عد الأصوات، ليليها الانتخاب؟

 

الأرجح حسب التساؤل والسؤال الذي وجّهه خلف، أنّ شكوكاً كبيرة تحيط بفيلم الرئيس بري الطويل، المسمى حوار. هذه الشكوك لم تنحصر في الداخل، بل نخرت المبادرة الفرنسية، التي ينتظر الرئيس بري جولتها الثانية، ليحدد جلسة مبتورة للحوار، في أوائل تشرين المقبل.

 

لا يفصح رئيس المجلس، عن القرار النهائي، أي عما إذا كان سيعقد هذه الطاولة أم لا، لكنّه يتردد إذا امتنع جبران باسيل عن المشاركة، ولا ينطق بعبارة «تعقد بمن حضر»، لمعرفته بأنها ستكون طاولة عرجاء، إذا غاب طرف مؤثر كالمعارضة المتنوعة.

 

في المعطيات التي رافقت زيارة لودريان، ثمة اتجاه واضح إلى طي صفحة المبادرة الفرنسية القديمة، التي انتقلت من معادلة سليمان فرنجية- نواف سلام، إلى معادلة الحوار المفروض بقوة التعطيل. لذا لن ينتظر الرئيس بري من لودريان إذا عاد، تقديم أي غطاء للحوار الاستعراضي، وعندها سيكون رئيس المجلس أمام خيار عقده بمن حضر. ويقول ركن معارض: حبذا لو يجلس باسيل الى طاولة بري، فهذا سيكون مكسباً في الصدقية للمعارضة، لا يضاهيه أي مكسب. يعتبر الركن المعارض أنّ رئيس المجلس وللمرة الأولى، يطلق مبادرة ينقصها الاحتراف، وهذا يدعو للتساؤل عن طبيعة توازنات القوى المتغيرة، التي لا تحجبها الادعاءات والمكابرة.