يبدو الاقتراب من يوم التاسع من ايلول الجاري حدثا بحد ذاته كون الجميع يعلقون اهمية بالغة على الحوار المرجو ان ينقذ لبنان من الدوامة السياسية – المعيشية التي يعاني منها جراء تعذر الوصول الى الحلول المرجوة لكثير من الازمات وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية، ووقف التصعيد بالنسبة الى المطالب الحياتية الملحة وفي مقدمها ازمة النفايات وازمة الكهرباء وازمة المياه العالقة منذ سنين يخشى معها الاستمرار في دوامة اللاحلول، جراء دوران السلطة في متاهة التباينات السياسية؟!
وما يدعو الى التفاؤل هو شعور صاحب الدعوة الى الحوار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعاني من الصعوبات السياسية والمطلبية اكثر من كل ما عداه، نتيجة معايشته جميع الهبات الشعبية والسياسية الساخنة التي لا تزال تعصف بلبنان منذ وقت بعيد من غير ان يتوصل المعنيون بداية الى فهم مخاطر استمرار الشغور في الرئاسة الاولى التي تكررت الدعوة الى ملئها منذ اكثر من سنة وسبعة اشهر بلا طائل.
وما يثير التساؤل ان هناك خشية من تصميم البعض على ان يجعلوا من مناسبة الحوار حالة من الصعب تدارك ايجابياتها، وهذا ينطبق على بعض من رحب بالحوار من غير اقتناع به، فيما ترى اوساط مطلعة ضرورة بذل كل جهد ممكن لانجاحه باعتبار الحوار خطوة لا بد منها لتخطي بعض الصعوبات ان في السلطة او خارجها، اضف الى ذلك ان ايجابيات الحوار ستفيد معظم اللبنانيين من دون استثناء بينما يؤكد الواقع ان فشله سيضر بلبنان كحاضر وكمستقبل حيث الادلة على ذلك اكثر من ان تحصى!
والذين مع الحوار قد جربوه في مجال تحسين اوضاعهم السياسية مع من يختلفون معهم في النظرة الى القضايا العامة فكيف اذا كان الاداء ينطبق على اصحاب الرأي الواحد الذي يصفه الرئيس نبيه بري بانه غاية الغايات التي من واجب الجميع النظر اليها كأنها مصلحة مشتركة من الضروري والواجب ان تعطي الاهمية المطلقة مهما اختلفت الاعتبارات (…)
ان تجميع التيار الوطني مؤيديه في حشود سيارة وفي تظاهرات ضخمة يحتم على زعامة رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون فهم حقيقة الكثافة اللبنانية التي تؤيده في اي موقف يصدر عنه، وهذا من ضمن الحسابات السياسية والشعبية التي من الواجب احترام رغبتها في كسر التقليد والابتعاد قدر الامكان عن كل ما من شأنه ان يزيل التوتر للوصول الى تفاهم حقيقي يكسر الاستفزاز السائد لغايات ومصالح شخصية بدليل ان الحوار المرجو يكفل وحده التفاهم علي كل ما فيه من مصالح وطنية واضحة (…)
وعندما يقال عن الحشد الشعبي للعماد عون وللتيار الوطني يوم الجمعة الفائت انه تجربة اثبات الوجود، فان بوسع غيره ان يدعو الى حشود مماثلة ولو بنسبة اقل ممن جيشه الجنرال، مع ما يعنيه ذلك من فهم لما يريده من لبى الطلب الى مهرجان وسط العاصمة حيث لكل طرف غاية في تلبية ما يحقق من خلاله مصالحه ورغباته؟!
وفي عودة الى موضوع الانتخابات الرئاسية فان الحشد الشعبي للتيار الوطني جاء نتيجة حتمية لافهام من لم يفهم بعد ان «مؤيدي عون جاهزون لعرض عضلاتهم وتأكيد دعمه في مجال سعيه الى رئاسة الجمهورية»، على رغم الصعوبات السياسية التي تحول دون ذلك، من غير حاجة للقول ان رأي المنتخب من الشعب مختلف عن رأي النائب المنتخب، لذا فان ثمة ضرورة ملحة تستدعي عون الى ان يتجه الى مجلس النواب لوضع قانون انتخابي جديد يمكنه من ان يجسد مجلسا نيابيا مؤيدا يسمح بأن يوصله الى سدة الرئاسة الاولى؟!
هذه الامور تستدعي اعادة نظر شبه شاملة بالنسبة الى ما هو مطلوب سياسيا وشعبيا، لكن ذلك لا يفي بالغرض في حال كانت نظرة واحدة الى الامور المقبول بها وتلك المشكو منها، اضافة الى استحالة الاتكال على مشهد واحد، كي لا تتطور الامور الى حد سعي كل طرف الى عقد لقاءات شعبية بفهم منها مدى وحجم التأييد الذي يتمتع به؟!