يشهد لرئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه سيد المداخل بقدر ما هو سيد المخارج، ماهر في اخراج الارانب من كمه في عزّ المآزق، مرجع يقصده الاخصام قبل الحلفاء، لقد نجح في جمع المجلس السياسي من اقطابه، وما يثبت ذلك ان جلسات اقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب التي ترأسها نائبه فريد مكاري باءت بالفشل كون بري كان غارقاً في حزنه على فقده صهره، فمجلس نيابي مشاكس لا يسير في الصف الا بمطرقة «ابو مصطفى» الذي يحفظ عن ظهر غيب افكار نواب الذين ينومهم مغناطيسياً، عَبَر الى السياسة من اوسع الابواب اثر نضالاته التي اضاءت سماء المقاومة للاحتلال الاسرائيلي زمن الاجتياح فاذا ببري رجل السيف والقلم في آن، لتؤهله هذه الصفات ان يكون رجل المطرقة ايضاَ بعدما جمع رئاستين في شخصه: رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة «امل»، وعلى الرغم من ذلك لم يلعب دور الفريق على الرغم من انه جزء اساسي من فريق، مفسحاً الرصيف الواسع امامه ليلعب دور الحكم لا سيما وان الزمن رديء والمنطقة تشتعل، واذا ما اضطرته الظروف الى الحسم فلا يتردد على الاطلاق الا انه لا ينكل بضحاياه في لعبة السياسة كون «الضرب بالميت حرام» وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
«ابو مصطفى» يمهل ولا يهمل اذا شعر بظلم اهل القربى في لعبة التحالفات السياسية واذا كان يفضل لعب دور الاطفائي في معظم الاحيان فانه بموازاة ذلك لا يتوانى على اشعال الحرائق الصغيرة في ملاعب اخصامه ولكنه يبقيها تحت السيطرة ربما لان كلمة «الاستاذ» غالباً ما ارتبطت «بالقصاص» على مقاعد الدراسة وكما في المدارس كذلك السياسة وفق الاوساط نفسها فان رئيس مجلس النواب يلوح بالمطرقة دون ان يستعملها الا في حالات الضرورة القصوى، واذا كان لا يزال يعاني من تغييبه عن الطبق الرئاسي، فانه نال ثأراً في جلستي انتخاب الرئيس ميشال عون حيث تعرّق سقف المجلس احتقاناً قبل الوصول الى النهاية السعيدة التي انهت شغوراً في بعبدا كاد ان يتحول الى فراغ.
وتضيف الاوساط ان بري وزع ورق قانون الانتخاب العتيد على اللاعبين دون «خلطه» فخلطوه جميعاً الا انهم غرقوا في جدل بيزنطي قاتل، حيث ان معظم النواب لا يفقهون معنى القانون النسبي وكيفية احتساب الاصوات: فالنسبية قاسم مشترك يجمعه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وما اثار غضبه ان البعض حاول من خلال افشال اقرار سلسلة الرتب والرواتب نسف قانون الانتخاب المرتقب ما دفع بري الى قلب «الاجندة» من حيث ترتيب الاوراق فاعلن ان الاولوية لقانون الانتخاب وبعده السلسلة ولن يمر نيسان دون انجاز هذين المشروعين، ووفق المعلومات فان البوصلة تتجه نحو القانون النسبي وان الرئيس سعد الحريري بدأ الاقتناع بذلك اثر اللقاء الذي عقد ليل الاحد الفائت في بيت الوسط وضم الى الحريري مستشاره نادر الحريري والوزير جبران باسيل والوزير علي حسن خليل والنائب علي فياض ومساعد الامين العام «لحزب الله» حسين خليل الذي حضر في سابقة معروفة الدلائل والنتيجة.
وتشير الاوساط الى ان بري ينام ملء جفونه عن شواردها بينما الفوضى العارمة تعصف بجنس ملائكة القانون الانتخابي المرتقب لا سيما وان «قيامة» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ضد اي قانون لا يراعي الخصوصية الدرزية لن تهدأ «الا على الستين يا بطيخ» اضافة الى اعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق انه لن يدعو الى تمديد تقني للمجلس الا في حال التوصل الى قانون منجز، وان الدعوة الى الانتخابات ستجري وفق القانون النافذ الذي اعتمد اثر «مؤتمر الدوحة»، ناهيك بموقف «التيار الوطني الحرّ» الرافض للستين والمصر على انجاز قانون جديد، وهنا تشخص انظار اللاعبين نحو بري وفي طليعتهم جنبلاط الذي لا ينسى رئيس مجلس النواب موقفه في معركة الرئاسة. فهل يبقيه الاخير «مزنوقاً» ام انه نال القصاص المطلوب على طريقة جلسة انتخاب الرئيس وفي المحصلة ان اي قانون يعتمد سيحط في خراج «ابو مصطفى» الى ان يقدّر الله امراً كان مفعولاً.