IMLebanon

مبادرة برّي تستحق الدرس بتمعّن قبل إعطاء أي موقف سياسي بخصوصها

مبادرة برّي تستحق الدرس بتمعّن قبل إعطاء أي موقف سياسي بخصوصها

نقطة الخلاف الأساسية غياب الضمانات الملزِمة بإنتخاب الرئيس بعد الإنتخابات النيابية

النقطة أو الفكرة المختلف عليها في المبادرة المطروحة تتعلق حصراً بمسألة توقيع كافة الأطراف على التزام بإجراء الانتخابات الرئاسية بعد إجراء الانتخابات النيابية مباشرة

يعتبر مصدر سياسي بارز أن مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي الأخيرة تستحق الدرس والبحث في جميع الأفكار والنقاط التي تضمنتها بتمعن وموضوعية واستشفاف أبعادها وأهدافها قبل إعطاء أي رأي أو موقف سياسي نهائي منها يُبنى عليه في الحركة السياسية، وليس إنتقاء فكرة أو نقطة واحدة ومحددة منها تثير المخاوف وتحتمل طلب المزيد من الضمانات والتوضيحات بخصوصها والانطلاق منها بتسرّع لرفع المبادرة كلياً باعتبارها غير قابلة للتنفيذ كما ورد على لسان العديد من النواب والسياسيين فور إطلاقها.

ويرى المصدر أن المبادرة طرحت بالأساس لحل الأزمة السياسية الناجمة عن استمرار الفراغ في منصب الرئاسة الأولى المتواصل منذ سنتين وحتى اليوم والخشية من تمدد هذا الفراغ ليطال المؤسسات الدستورية، الواحدة بعد الأخرى وصولاً إلى الفراغ الشامل في حال لم يتمكن اللبنانيون من انتخاب رئيس للجمهورية مع انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي الممدد له حتى شهر حزيران 2017 بعد زوال الأسباب والتبريرات التي أدت إلى هذا التمديد، لا سيما بعد إجراء الانتخابات البلدية في أكثرية المحافظات اللبنانية في ظروف مؤاتية وطبيعية خلافاً لكل المخاوف التي أثيرت في السابق بهذا الخصوص ونجاح وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والعسكرية بتأمين الأمن وتوفير كل مستلزمات العملية الانتخابية في جميع المناطق دون استثناء أو تمييز.

وفي اعتقاد المصدر السياسي أن جميع اللبنانيين من دون استثناء متفقون على فكرة تلافي الفراغ في المجلس النيابي أيضاً في حال استمرت الظروف غير المؤاتية لانتخاب رئيس للجمهورية قبيل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالية الممدة، ولذلك لا يمكن رفض اجراء الانتخابات النيابية بالمطلق انطلاقاً مما ورد في مبادرة الرئيس برّي بهذا الخصوص، وقد يكون من الصعب على أي طرف إعطاء جواب بالرفض القاطع لهذه الفكرة بالذات، كون تمدد الفراغ الرئاسي وشموله المجلس النيابي سيؤدي إلى تداعيات سلبية على بقية مؤسسات الدولة الدستورية والعامة ويأتي على ما تبقى من وجود الدولة اللبنانية وهو ما يرفضه ويخشاه اللبنانيون كلهم.

ويلاحظ المصدر ان ما ورد في المبادرة بخصوص قانون الانتخاب الذي قد تجري الانتخابات النيابية المقبلة على أساسه، فلا تتضمن الصيغة الواردة صيغة جامدة وملزمة للجميع أو صيغة تراعي طرفاً دون الأطراف الأخرى، بل ارتكزت على أفكار مطاطية تأخذ بعين الاعتبار انه «اذا لم يتفق الأطراف المعنيون على صيغة محددة لقانون انتخابي جديد عندها ستجري الانتخابات على أساس قانون الستين الذي تضاءلت الاعتراضات و«الفيتوات» المطروحة عليه وخصوصاً من «حزب الله» والأطراف المسيحية بعدما لاحظوا ان استمرار تطبيقه قد يكون لصالحهم بعد بروز اعتراضات شعبية ضد ممارساتهم في الانتخابات البلدية الأخيرة والخشية من تنامي هذه الاعتراضات وتوسعها مع حلول موعد الانتخابات النيابية المقبلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقليص عدد المقاعد النيابية التي يفوزون بها في تلك المناطق لا سيما إذا اعتمدت النسبية في القانون الانتخابي البديل.

وانطلاقاً من هذا الواقع ومواقف معظم الأطراف السياسيين الأساسيين، يلاحظ ان هناك موافقة معلنة من البعض وضمنية من البعض الآخر، لاعتماد قانون «الستين» بالرغم من تسجيل بعض المواقف الاعتراضية لأطراف غير مؤثرة ولا يناسبها استمرار هذا القانون في الانتخابات النيابية المقبلة.

اما النقطة أو الفكرة المختلف عليها في المبادرة المطروحة، فتتعلق حصراً بمسألة توقيع كافة الأطراف على التزام باجراء الانتخابات الرئاسية بعد اجراء الانتخابات النيابية مباشرة، وهذه النقطة بالذات تتطلب إعطاء توضيحات إضافية بخصوصها في ظل عدم وجود أي ضمانات قاطعة يرتكز إليها الأطراف المتوجسون منها منذ البداية.

وفي هذا الإطار، يُشير المصدر إلى ان مخاوف البعض من هذه النقطة لا يمكن تجاهلها على الإطلاق ويجب ان يؤخذ بها استناداً إلى تجارب سابقة وتفاهمات تعهد بها «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» وتم نقضها والانقلاب عليها بدءاً بقرارات جلسات الحوار الوطني وتفاهم «الدوحة» وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري وانتهاءً بشل عمل حكومة الرئيس تمام سلام الحالية.

وبالرغم من غموض هذه الفكرة وغياب الضمانات الفعلية لتنفيذها، الا انه مع انسداد آفاق الانتخابات الرئاسية، يخلص المصدر السياسي إلى القول: يجب عدم التسرع في اعطاء ردّ سلبي على مبادرة رئيس المجلس النيابي، لأنها المبادرة الوحيدة التي قد تفتح الباب المسدود لحل الأزمة السياسية ككل في ظل فشل وغياب أي مبادرات أخرى، ولذلك يجب اعطاءها فرص النجاح بدل إغلاق الأبواب في وجهها.